Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 11-11)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : استعجالهم : نصب على المصدر ، أي : استعجالاً مثل استعجالهم بالخير . قال البيضاوي : وضع موضع تعجيله لهم بالخير إشعاراً بسرعة إجابته لهم في الخير ، حتى كأن استعجالهم به تعجيل لهم . هـ . فَنَذَرَ : عطف على فعل محذوف دلت عليه الشرطية ، كأنه قيل : ولكن لا نعجل ولا نقضي بل نمهلهم فنذر … الخ . يقول الحق جل جلاله : { ولو يعجلُ الله الناس الشرَّ } حيث يطلبونه ، كقولهم : { فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ أَوِ ٱئْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] { ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ } [ الأعراف : 77 ] { استعجالهم بالخير } كما يعجل الله لهم الخير حين يسألونه { لقُضِيَ إليهم أجلُهُم } أي : لأميتوا وأهلكوا من ساعتهم ، وقرأ ابن عباس ويعقوب : " لَقَضى " بالبناء للفاعل ، أي : لقضى الله إليهم أجلهم ، ولكن من حلمه تعالى وكرمه يُمهلهم إلى تمام أجلهم ، { فَنذَرُ الذين لا يرجون لقاءنا } استدراجاً وإمهالاً { في طغيانهم يعمهون } : يتحيرون . والعمه : الخبط في الضلال ، وهذا التفسير أليق بمناسبة الكلام ، وقيل : نزلت في دعاء الإنسان على نفسه وماله بالشر ، أي : لو عجل اللهُ للناس الشر كما يحبون تعجيل الخير لهلكوا سريعاً ، فهو كقوله : { وَيَدْعُ ٱلإِنْسَانُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُ بِٱلْخَيْرِ } [ الإسراء : 11 ] ويكون قوله : { فنذر … } الخ استئنافاً . والله تعالى أعلم . الإشارة : من حلمه تعالى وسعة جوده أنه لا يعامل عبده بما يستحقه من العقاب ، ولا يعاجله بما يطلبه إن لم يكن فيه سداد وصواب ، حُكي أن رجلاً قال لبعض الأنبياء عليهم السلام ـ : قل لربي : كم أعصيه وأخالفه ولم يعاقبني ، فأوحى الله إلى ذلك النبي : ليعلم أني أنا وأنت أنت . هـ . بل من عظيم كرمه تعالى أنه قد يعامل السائرين بعكس ما يستحقونه في جانب المخالفة فقد تهوى بهم أنفسهم إلى مقام الخفض فيرتفعون ، وإلى مقام البُعد فيقتربون ، وهذا في قوم سبقت لهم العناية ، فلم تضرهم الجناية ، وحفت بهم الرعاية ، فلم تستهوهم الغواية ، إذا صدرت منهم المخالفة ندموا وانكسروا . والغالب فيمن كانت تحت جناح الأولياء الكبار أن يسلك به هذا المسلك العظيم وما ذلك على الله بعزيز . وإذا كان الحق تعالى يُعجل الخير ويمهل الشر ، كان الواجب على العبد شكره على الدوام ، لا الإعراض عنه ونسيانه ، كما نبيه عليه تعالى بقوله : { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ } .