Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 9-10)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : تجري : جملة استئنافية ، أو خبر ثان لإنَّ ، أو حال من الضمير المنصوب في { يهديهم } . ودعواهم : مبتدأ ، وسبحانك : مقول للخبر أي : قولهم سبحانك . والتحية مأخوذة من تمني الحياة والدعاء بها ، حياة تحية ، ويقال للوجه : مُحيا لوقوع التحية عند رؤيته ، وآخر : مبتدأ ، وأن الحمد لله : خبر ، وأن مخففة . يقول الحق جل جلاله : { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يَهْدِيهمْ ربُّهم } أي : يسددهم { بإيمانهم } بسبب إيمانهم إلى الاستقامة والنظر ، أوْ إلى سلوك سبيل يؤدي إلى الجنة ، أوْ إلى إدراك الحقائق العرفانية ، كما قال عليه الصلاة والسلام " مَنْ عَمِلَ بما علِم أَوْرَثه اللهُ علْمَ ما لَمْ يَعْلَمْ " أو لِمَا يشتهونه في الجنة ، { تجري من تحتهم الأنهارُ } الأربعة ، { في جنات النعيم } ، { دَعْواهم فيها } أي : دعاؤهم فيها : { سبحانك اللهم } أي : اللهم إنا نسبحك تسْبيحاً . ورُوي : أن هذه الكلمة هي ثمر أهل الجنة ، فإذا اشتهى احدهم شيئاً قال : سبحانك اللهم ، فينزل بين يديه . رواه ابن جريج وسفيان بن عيينة . { وتحيتُهم فيها سلام } أي : ما يحيي به بعضهم بعضاً ، أو تحيّة الملائكة إياهم ، أو تسليم الله تعالى عليهم فيها سلام ، { وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين } أي : وخاتمة دعائهم في كل موطن حمده تعالى وشكره . والمعنى : أنهم إذا دخلوا الجنة وعاينوا عظمته وكبرياءه مجَّدوه ونعتوه بنعوت الجلال ، وقدَّسُوه عند مشاهدته عن كل تماثيل وخيال ، فحيَّاهم بسلام من عنده ، وعندما منحهم سلامه واحلَّ عليهم رضوانه ، وأدام لهم كرامته وجواره ، وأراهم وجهه ، حمدوه بما حمد به نفسه ، فكانت بدايتهم بالتنزيه والتعظيم ، وخاتمة دعائهم في كل موطن حمده وشكره على ما مكنهم فيه ، من رؤية وجهه الكريم ، ودوام النعيم المقيم ، وسمي دعاء لأنه يستدعي المزيد من فضله . قاله المحشي . الإشارة : إن الذين استكملوا الإيمان ، وأخلصوا الأعمال ، يهديهم ربهم إلى من يوصلهم إلى جنة حضرته ببركة إيمانهم ، تجري من تحت أفكارهم أنهار العلوم ، في جنات مشاهدة طلعته ، والتنعم بأنوار معرفته ، فإذا عاينوا ذلك أدهشتهم الأنوار ، فبادروا إلى التنزيه والتقديس ، فيجيبهم الحق تعالى بإقباله عليهم بأنوار وجهه ، وأسرار ذاته ، فيحمدونه ويشكرونه على ما أولاهم من سوابغ نعمته ، والسكون في جوار حضرته ، منحنا الله من ذلك الحظ الأوفر ، آمين . ولمَّا تعجب الكفار من بعث الرسول منهم ، وكفروا به ، استعجلوا ما خوفهم به من العذاب ، فأنزل الله جوباً لهم : { وَلَوْ يُعَجِّلُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ ٱلشَّرَّ ٱسْتِعْجَالَهُمْ } .