Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 17-18)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { فمن أظلم } لا أحد أظلم { ممن افترى على الله كذباً } بأن تقوَّل على الله ما لم يقل ، وهذا بيان لبراءته ، مما اتهموه به من اختراعه القرآن ، وإشارة إلى كذبهم على الله في نسبة الشركاء له والولد ، { أو كذَّب بآياته } فكفر بها ، فلا أظلم منه { إنه } أي : الأمر والشأن { لا يُفلح المجرمون } أي : لا يظفرون ببغيتهم ، ولا تنجح مساعيهم لإشراكهم بالله . كما قال تعالى : { ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعُهم } من الجمادات التي لا تقدر على ضر ولا نفع ، والمعبود ينبغي أن يكون مثيباً ومُعاقباً ، حتى تكون عبادته لجلب نفع أو دفع الضر . { ويقولون هؤلاء } الأوثان { شفعاؤنا عند الله } تشفع لنا فيما يهمنا من أمور الدنيا ، أو في الآخرة إن يكن بعث ، وكأنهم كانوا شاكين فيه ، وهذا من فرط جهالتهم ، حيث تركوا عبادة الموجد للأشياء ، الضار النافع ، إلى عبادة ما يُعلم قطعاً أنه لا يضر ولا ينفع . { قل أتنبّئون الله } أتخبرونه { بما لا يعلم } وجوده { في السماوات ولا في الأرض } وهو أن له شريكاً فيهما يستحق أن يعبد . وفيه تقريع وتهكم بهم . قال ابن جزي : هو رد عليهم في قولهم بشفاعة الأصنام ، والمعنى : أن شفاعة الأصنام ليست بمعلومة لله الذي هوعالم بما في السماوات والأرض ، وكل ما ليس بمعلوم له فهو عدم محض ، ليس بشيء ، فقوله : { أتنبئون الله } تقرير لهم على وجه التوبيخ والتهكم ، أي : كيف تعلمون الله بما لا يعلم . هـ . قال ابن عطية : وفي التوقيف على هذا أعظم غلبةٍ لهم ، إذ لا يمكنهم إلا أن يقولوا : لا نفعل ، ولا نقدر أن نخبر الله بما لا يعلم . ثم نزه نفسه عن ذلك فقال : { سبحانه وتعالى } أي : تنزيهاً له وتعاظم { عما يشركون } أي : إشراكهم أو عن الشركاء الذين يشركونهم معه . وقرأ الأخوان : بالتاء ، أي : عما تشركون أيها الكفار . الإشارة : في هذه الآية زجر كبير لأهل الدعوى ، الذين ادعوا الخصوصية افتراء ، ولأهل الإنكار الذين كذبوا من ثبتت خصوصيته ، وتسجيل عليهم بالإجرام ، وبعدم النجاح والفلاح ، وفيها أيضاً : زجر لمن اعتمد على مخلوق في جلب نفع أو دفع ضر ، أو اغتر بصحبة ولي يظن أنه يشفع له مع إصراره ، وعظيم أوزاره . والله تعالى أعلم . ثم إن إختلاف الناس على الأنبياء وتكذيبهم وإشراكهم ، إنما هو أمر عارض ، حصل لهم بإندراس العلم وقلة الإنذار كما قال تعالى : { وَمَا كَانَ ٱلنَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً } .