Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 45-48)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { كأن لم يلبثوا } : حال ، أي : نحشرهم مشبهين بمن لم يلبث إلا ساعة . أو صفة ليوم ، والعائد محذوف ، أي : كأن لم يلبثوا قبله ، أو لمصدر محذوف ، أي : حشراً كأن لم يلبثوا قبله . وجملة : { يتعارفون } : حال أخرى مقدرة ، أو بيان لقوله : { كأن لم يلبثوا } ، أو لتعلق الظرف ، والتقدير : يتعارفون يوم نحشرهم : " وإما " : شرط ، و { نرينك } فعله ، { أو نتوفينك } : عطف عليه . { فإلينا } جواب { نتوفينك } ، وجواب الأول محذوف ، أي : إن أريتك بعض عذابهم في الدنيا فذاك ، وإن توفيناك قبل ذلك فإلينا مرجعهم . يقول الحق جل جلاله : { و } اذكر { يومَ نحشُرهم } ونجمعهم للحساب ، فتقصر عندهم مدة لبثهم في الدنيا وفي البرزخ ، { كأن لمْ يلبثوا إلا ساعةً من النهار } يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا ، أو في القبور لهول ما يرون ، حال كونهم { يتعارفون بينهم } أي : يعرف بعضهم بعضاً ، كأن لم يتفارقوا إلا قليلاً ، وهذا في أول حشرهم ، ثم ينقطع التعارف لشدة الأمر عليهم لقوله : { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرُونَهُمْ } [ المعارج : 10 ] { قد خَسِرَ الذين كذَّبُوا بلقاءِ الله } خسرانا لا ربح بعده { وما كانوا مهتدين } إلى طريق الربح أصلاً ، أو إلى طريق توصلهم إلى معرفة الله ورضوانه ، لترك استعمال ما منحوه من العقل فيما يوصل إلى الإيمان بالله ورسله ، فاستكسبوا جهالات أدت بهم إلى الرّدى والعذاب الدائم . { وإما نُرينّك } أي : مهما نبصرنك { بعضَ الذي نَعِدُهم } من العذاب في حياتك ، كما أراه يوم بدر . { أو نتوفينَّك } قبل أن نريك { فإلينا مَرجِعُهم } فنريكه في الآخرة ، { ثم اللهُ شهيدٌ على ما يفعلون } ، فيجازيهم عليه حينئذٍ ، فالترتيب إخباري . وقال البيضاوي ، تبعاً للزمخشري : ذكر الشهادة وأراد نتيجتها ومقتضاها ، وهو العقاب ، ولذلك رتبها على الرجوع بثم ، أو مؤدِّ شهادته على أفعالهم يوم القيامة . هـ . { ولكل أُمة } من الأمم الماضية { رسولٌ } يبعثه إليهم ، يدعوهم إلى الحق ، { فإذا جاء رسولُهم } بالمعجزات " فكذبوه " { قُضِيَ بينهم بالقسط } : بالعدل ، فأنجى الرسولَ ومن تبعه ، وأهلك المكذبين { وهم لا يُظلمون } ، حيث أعذر إليهم على ألسنة الرسل . وقيل معناه : لكل أمة يوم القيامة رسول تنسب إليه . كقوله : { يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ } [ الإسراء : 71 ] فإذا جاء رسولهم الموقفَ ليشهد عليهم بالكفر أو الإيمان { قضي بينهم } بإنجاء المؤمنين وعقاب الكافرين ، كقوله : { وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم } [ الزمر : 69 ] . { ويقولون متى هذا الوعد } الذي تعدنا ، استبعاداً له واستهزاء به ، { إن كنتم صادقين } فيه ، وهو خطاب منهم للنبي صلى الله عليه وسلم . الإشارة : أهل الغفلة إذا بعثوا أو ماتوا ندموا على ما فوّتوا ، وقصر بين أعينهم ما عاشوا في البطالة والغفلة ، كأن لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من نهار . فالبدار البدار أيها الغافل إلى التوبة واليقظة ، قبل أن تسقط إلى جنبك فتنفرد رهيناً بذنبك . فأما أهل اليقظة وهم العارفون بالله فقد حصل لهم اللقاء ، قبل يوم اللقاء ، قد خسر الوصول من كذَّب بأهل الوصول ، وما كان أبداً ليهتدي إلى الوصول إلا بصحبة أهل الوصول . وإما نرينك أيها العارف بعض الذي نعدهم من الوصول لمن تعلق بك ، أو نتوفينك قبل ذلك ، فإلينا مرجعهم فنوصلهم بعدك بواسطة أو بغيرها . ولكل أمة رسول يبعثه الله يُذكر الناس ويدعوهم إلى الله ، فإذا جاء رسولهم قُضي بينهم بالقسط ، فيوصل من تبعه ويبعد من انتكبه . والله تعالى أعلم بأسرار كتابه . ثم أجاب عن قولهم متى هذا الوعد ، فقال : { قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ } .