Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 49-52)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : قدَّم في الأعراف النفع ، وهنا الضر لأن السؤال في الأعراف عن مطلق الساعة المشتملة على النفع والضر ، وهنا السؤال عن العقاب الذي وعدهم به ، بدليل قوله : { قل أرأيتم إن أتاكم عذابه } . وقوله : { إلا ما شاء الله } منقطع ، ويصح الاتصال ، وقوله : { ماذا يستعجل منه المجرمون } وضع المظهر موضع المضمر ، أي : ماذا تستعجلون منه ؟ … والجملة الاستفهامية جواب الشرط ، كما يقال : إن أتيتك ماذا تعطيني ؟ ، أو محذوف ، أي : إن أتاكم ألكم منه منعة أو به طاقة فماذا تستعجلون منه ؟ وقال الواحدي : الاستفهام للتهويل والتفظيع ، أي : ما أعظم ما تستعجلون منه ، كما تقول : أعلمت ماذا تجْني على نفسك ؟ . { أثم إذا ما وقع } ، دخلت همزة التقرير على " ثم " العاطفة ، أي : إن استعجلتم ثم وقع بكم العذاب آمنتم به حين لا ينفعكم . يقول الحق جل جلاله : { قل } لهم : { لا أملكُ لنفسي ضراً ولا نفعاً } ، فكيف أملك لكم ما تستعجلون من طلب العذاب ؟ { إلا ما شاءَ اللهُ } : لكن ما شاء الله من ذلك يكون ، أو : لا أملك إلا ما ملكني ربي بمشيئته وقدرته ، { لكلِّ أمةٍ أجلٌ } مضروب إلى هلاكهم ، { إذا جاء أجَلُهُمْ فلا يستأخرون } عنه { ساعةً } ، { ولا } هم { يستقدمون } عنه فلا تستعجلوا ، فسيحين وقتكم وينجز وعدكم ، { قل أرأيتم إن أتاكم عذابُه } الذي تستعجلون { بياتاً } أي : وقت بيات واشتغال بالنوم ، { أو نهاراً } حين يشتغلون بطلب معاشكم ، { ماذا يستعجل منه المجرمون } ؟ أيّ : شيء من العذاب يستعجلونه وكله مكروه لا يلائم الاستعجال ؟ وهو متعلق بأرأيتم ، لأنه في معنى أخبروني ، و " المجرمون " ، وضع موضع المضمر للدلالة على أنهم لجرمهم ينبغي أن يفزعوا من مجيء العذاب ، لا أن يستعجلوه . قاله البيضاوي . { أثم إذا ما وقع آمنتم به } أي : أثم تؤمنون إذا وقع العذاب وعاينتموه ، حين لا ينفعكم إيمانكم ، { الآن } أي : فيقال لكم الآن آمنتم حين فات وقته ، { وقد كنتم به تستعجلون } تكذيباً واستهزاء ، { ثم قيل للذين ظلموا } بعد هلاكهم : { ذُوقُوا عذابَ الخُلد } أي : العذاب المؤلم الذي تخلدون فيه ، { هل تُجْزَوْنَ إلا ما كنتم تكسِبُون } من الكفر والمعاصي . الإشارة : لا يشترط في الولي أن يكاشف بالأمور المغيبة حتى يحترز من المكاره أو يجلب المنافع ، إذ لم يكن ذلك للنبي ، فكيف يكون للولي ؟ بل هو معرض للمقادير الجارية على الناس ، يجري عليه ما يجري عليهم ، نَعْم … باطنه محفوظ من السخط أو القنط ، يتلقى كل ما يلقى إليه بالرضا والتسليم . فمن شرط ذلك فيه فهو محروم من بركة أولياء زمانه . والله تعالى أعلم . ثم استخبروا عن العذاب أو الوحي ، هل هو حق أم لا ؟ كما قال تعالى : { وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّيۤ إِنَّهُ لَحَقٌّ } .