Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 68-70)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : عندكم : متعلق بالاستقرار ، ومن سلطان فاعل به لأن المجرور والظرف إذا نفى يرفع الفاعل بالاستقرار ، ومتاع : خبر ، أي : ذلك متاع … الخ . يقول الحق جل جلاله : { قالوا } أي : المشركون ، ومن تبعهم : { اتخذ الله ولداً } أي : تبنّاه كالملائكة وغيرهم ، { سبحانه } أي : تنزيهاً له عما يقول الظالمون ، فإن التبني لا يصح إلا ممن يتصور منه الولد ، { هو الغني } عن كل شيء ، مفتقر إليه كلُّ شيء ، والولد مسبب عن الحاجة ، والحق تعالى { له ما في السماوات وما في والأرض } ملكاً وعبيداً ، فلا يفتقر إلى اتخاذ الولد ، وهو الغني بالإطلاق ، لا يحتاج إلى من يعينه ، واجب الوجود لا يفتقر إلى من يخلفة في ملكه . { إن عندكم } أي : ما عندكم { من سلطان } أي : برهان { بهذا } ، بل افتريتموه من عندكم ، { أتقولون على الله ما لا تعلمون } ، وهو توبيخ وتقريع على اختلاقهم وجهلهم ، وفيه دليل على أن كل قول لا دليل عليه فهو جهالة ، وأن العقائد لا بد فيها من قاطع ، وأن التقليد فيها غير سائغ . قاله البيضاوي . قلت : والتحقيق أن إيمان المقلّد صحيح ، وأن تقليد الأنبياء والرسل والكتب السماوية صحيح مكتفٍ عن الدليل . ثم هدد أهل الشرك فقال : { قل إن الذين يفترون على الله الكذبَ } باتخاذ الولد وإضافة الشريك إليه ، { لا يُفلحون } : لا ينجون من النار ، ولا يفوزون بالجنة ، إنما ذلك الافتراء { متاع في الدنيا } يقيمون به رئاستهم في الكفر ، فيتمتعون به قليلاً ، أو لهم تمتع في الدنيا مدة أعمارهم ، { ثم إلينا مرجعُهُم } بالموت ، فيلقون الشقاء المؤبد ، { ثم نُذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون } . الإشارة : إظهار الكائنات من الغيب إلى الشهادة كلها على حد سواء في الاختراع والافتقار ، ليس بعضها أقرب من بعض ، وأما قوله : عليه الصلاة والسلام ـ : " الخَلْقُ عِيَالُ اللَّهِ وَأَحَبُّ الخَلْقِِِ إلى اللَّهِ أَنفَعُهُم لِعِيَالِهِ " . فمعناه أنهم في حفظه وكفالته مفتقرون إليه في إيصال المادة ، كافتقار الولد إلى أبيه . وأما قرب العبد من ربه بطاعته فمعناه قرب محبة ورضا ، لا قرب مسافة أو نسب إذ أوصاف العبودية غير مجانسة لأوصاف الربوبية ، بل هي بعيدة منها مع شدة قربها ، ولذلك قال في الحِكَم : " إلهي ما أقربَكَ مِنَّي وما أَبعَدَني عنك … " الخ ، وقد تشرق على العبد أنوار الربوبية فتكسوه حتى يغيب عن حسه ورسمه فلا يرى إلا أنوار ربه ، فربما تغلبه الأنوار ، فيدَّعي الاتحاد أو الحلول ، وهو معذور عند أهل الباطن لسكره ، وقد رفع التكليف عن السكران ، فإذا صحى وبقي على دعواه قُتل شرعاً . والله تعالى أعلم . ثم ذكر بعض قصص الأنبياء عليهم السلام ، تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال : { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ } .