Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 61-63)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : قال الشطيبي : صالح : هو ابن عبيد بن عابرَ بن أرْفَخْشد بن سام بن نوح . وثمود هم أولاد ثمود بن عوص بن عاد بن إرم بن سام بن نوح . هـ . وفيه نظر فقد ذكر البيضاوي في سورة الأعراف أن بين صالح ونوح تسعة أجداد ، فانظره . يقول الحق جل جلاله : { و } أرسلنا { إلى ثمودَ أخاهم صالحاً قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيرُه هو أنشأكم من الأرض } كونكم من الأرض لأنه خلق آدم منها ، والنطف التي هي مواد نسله أصها منها ، { واستعمركم } عمركم { فيها } وجعلكم تعمرونها بعد من مضى قبلكم ، ثم تتركونها لغيركم . أو استبقاكم فيها مدة أعماركم ، ثم ترحلون عنها . { فاستغفروه ثم توبوا إليه ، أن ربي قريبٌ } من كل شيء { مجيبٌ } لمن دعاه . { قالوا يا صالحُ قد كنت فينا مرجُواً قبل هذا } أي : كنا نرجو أن ننتفع بك لما نرى فيك من مخايل الرشد والسداد ، فتكون لنا سيداً ، أو مُستشاراً في الأمور ، وإن توافقنا على ديننا ، فلما سمعنا هذا القول منك انقطع رجاؤنا منك { أتنهانا أن نعبدَ ما يعبد آباؤنا } قبلنا لتصرفنا عن ديننا ، { وإننا لفي شكٍّ مما تدعونا إليه } من التوحيد ، والتبري من الأوثان . { مُريب } : موقع في الريبة مبالغة في الشك ، { قال يا قوم أرأيتُم إن كنتُ على بينة } طريقة واضحة { من ربي } وبصيرة نافذة منه ، { وآتاني منه رحمةٌ } : نبوة ، { فمن ينصرني من الله } من يمنعني من عذابه { إن عصيته } وأطعتكم في ترك التبليغ ، وموافقتكم في الدين الفاسد ، { فما تزيدونني } باستتباعكم { غير تَخسير } بترك ما منحني الله به ، والتعرض لغضبه ، أو فما تزيدونني بما تقولون لي غير تخسير لكم لأنه يجركم إلى الخسران . والله تعالى أعلم . الإشارة : كل من وجهه الحق تعالى يدعو إلى الله فإنما يدعو إلى خصلتين : إفراد الحق بنعوت الألوهية ، والقيام بوظائف العبودية شكراً لنعمة الإيجاد ، وتوالي الإمداد . فقول صالح عليه السلام : { اعبدوا الله ما لكم من إله غيره } ، هذا إفراد الحق بالربوبية ، وقوله : { هو أنشأكم من الأرض } ، هذه نعمة الإيجاد . وقوله : { واستعمركم فيها } هي : نعمة الإمداد ، وقوله : { فاستغفروه ثم توبوا إليه } ، وهو القيام بوظائف العبودية شكراً لتلك النعمتين . وفي قوله : { إن ربي قريب مجيب } : ترهيب وترغيب . وقوله تعالى : { قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا } : يؤخذ من الآية : أن شُعاع الخصوصية ، وآثارها ، تظهر على العبد قبل شروق أنوارها ، وهو جار في خصوص النبوة والولاية ، فلا تظهر على العبد في الغالب حتى يتقدمها آثار وأنوار ، من مجاهدة أو أنس ، أو اضطرار أو انكسار ، أوعِرْق طيب . والله تعالى أعلم . وكل من واجهه منهم تكذيب أو إنكار يقول : { أرأيتم إن كنتُ على بينة من ربي … } الآية . وبالله التوفيق . ثم ذكر معجزة الناقة ، فقال : { وَيٰقَوْمِ هَـٰذِهِ نَاقَةُ ٱللَّهِ لَكُمْ آيَةً } .