Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 9-11)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : ولئن : شرط وقسم ، ذكر جواب القسم ، واستغنى به عن جواب الشرط . يقول الحق جل جلاله : { ولئن أذقنا الإنسان منا رحمةً } أي : أعطيناه نعمة يجد لذتها . { ثم نزعناها منه } أي : سلبنا تلك النعمة منه { إنه ليؤوسٌ } قنوط ، حيث قلَّ رجاؤه من فضل الله لقلة صبره ، وعدم ثقته بربه ، { كفور } : مبالغ في كفران ما سلف له من النعم ، كأنه لم ير نعمة قط . { ولئن أذقناه نعماءَ بعد ضراء مسَّتْه } كصحة بعد سقم ، وغنى بعد فقر ، أو علم بعد جهل ، { ليقولنَّ ذهب السيئاتُ } . أي : المصائب التي مستني ، { عني } ، ونسي مقام الشكر . { إنه لفرح } أي : بطر متعزز بها ، { فخورٌ } على الناس ، متكبر بها ، مشغول بذلك عن شكرها ، والقيام بحقها . قال البيضاوي : وفي لفظ الإذاقة والمس تنبيه على ان ما يجده الإنسان في الدنيا من النعم والمحن كالأنموذج لما يجده في الآخرة ، وأنه يقع في الكفر والبطر بأدنى شيء لأن الذوق : إدراك المطعم ، والمس مبدأ الوصول إليه . هـ . { إلا الذين صبروا } على الضراء إيماناً بالله ، واستسلاماً لقضائه ، { وعملوا الصالحات } شكراً لآلائه ، سابقها ولاحقها ، { أولئك لهم مغفرة } لذنوبهم ، { وأجر كبير } أقلة الجنة ، وغايته النظرة . والاستثناء من الإنسان لأن المراد به الجنس . ومن حمله على الكافر لسبق ذكرهم جعله منقطعاً . والله تعالى أعلم . الإشارة : ينبغي للعبد أن يكون شاكراً للنعم ، صابراً عند النقم ، واقفاً مع المنعم دون النعم . إن ذهبت من يدة نعمة رَجَى رجوعها ، وإن أصابته نقمة انتظر انصرافها . والحاصل : ان يكون عبداً لله في جميع الحالات . حُكي أن سيدنا موسى عليه السلام قال : يا رب دلني على عمل إذا عملته رضيت عني . قال : إنك لا تطيق ذلك ، فخر ساجداً متضرعاً ، فقال : يا ابن عمران إن رضاي في رضائك بقضائي . هـ . وقال ابن عباس رضي الله عنه أول شيء كتبه الله في اللوح المحفوظ : أنا الله لا إله إلا أنا ، محمد رسولي ، فمن استسلم لقضائي ، وصبر على بلائي ، وشكر نعمائي ، كتبته صديقاً ، وبعثته مع الصديقين ، ومن لم يستسلم لقضائي ، ولم يصبر على بلائي ، ولم يشكر نعمائي ، فليتخذ رباً سوائي . هـ . ورُوي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ثلاث من رزقهن رزق خير الدنيا والآخرة : الرضا بالقضاء ، والصبر على الأذى ، والدعاء في الرخاء . هـ . من جملة الأذى : التكذيب والإنكار ، كما أبان ذلك بقوله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ـ :