Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 7-8)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : يوسف : عجمي ، وفي سينه ثلاث لغات : الضم وهو الأشهر والفتح ، والكسر . يقول الحق جل جلاله : { لقد كان في يوسف وإخوته } أي : في قصصهم { آيات } دلائل قدرة الله وحكمته ، وعلامة نبوتك حيث أخبرتَ بها من غير تعلم . ففي ذلك آيات { للسائلين } أي : لمن سأل عن قصتهم . والمراد بإخوته : علاته العشرة ، والعلات : أبناء أمهات لأب واحد ، فكانوا إخوته لأبيه ، وهم : يهوذا ، ورَوْبيل ، وشمعون ، ولاوي ، وريالون ، ويشجر ، ودينة من بنت خالته ليّا ، تزوجها يعقوب أولاً ، فلما توفيت تزوج راحيل ، فولدت له بنيامين ، ويوسف . وقيل : جمع بينهما ، ولم يكن الجمع حينئذٍ محرماً . وأربعة آخرون من سُريتَيْن ، وهم : دان ، وتفثالى ، وجاد ، وآشر . { إذ قالوا ليُوسفُ وأخوه } بنيامين ، وخُص بالإضافة لأنه شقيقه ، { أحبُّ إلى أبينا منا ونحنُ عصبةٌ } أي : والحال أنا جماعة أقوياء ، فنحن أحق بالمحبة لأنهما لا كفاءة فيهما . والعصبة : العشرة ففوق : { إن أبانا لفي ضلالٍ } خطأ { مبين } ظاهر لتفضيل المفضول . رُوي أنه كان أحب إليه لما كان يرى فيه من مخايل الخير ، وكان إخوته يحسدونه ، فلما رأى الرؤيا ضاعف له المحبة ، بحيث لم يصبر عنه ، فتناهى حسدهم حتى حملهم على التعرض لقتله . وهكذا شأن الحسد يبلغ بصاحبه امراً عظيماً . الإشارة : كان يعقوب عليه السلام لا يفارق يوسف ليلاً ولا نهاراً . وهكذا شأن المحبين . وأنشدوا : @ وَلِي كَبِدٌ يَسرِي إِليهِم سَلاَمه بَجَمر تَلَظَّى ، والفؤادُ ضِرامُه وأجفَانُ عَين لا تَمَل من البُكَا وصَبٌّ تَشَكِّى للحبيب غَرَامُه فأنتُم سُروري ، أنتُم غَايةُ المنى وقَلبي إِليكم والغرامُ زِمامُه فَوَالله ما أَحبَبتُ ما عِشتُ غَيرَكم لأن اشتياقي لا يحل اكتتامه . هـ . @@ قال الجنيد رضي الله عنه : رأيت غلاماً حسن الوجه يعنف كهلاً حسناً ، فقلت : يا غلام ، لِمَ تفعل هذا ؟ قال : لأنه يدعي أنه يهواني ، ومنذ ثلاث ما رآني ، قال : فوقعت مغشياً علي ، فلما أفقتُ ما قدرت على النهوض ، فقيل لي في ذلك ، فقلت : ينبغي للمحب ألا يفارق باب محبوبه على أي حال . وأنشدوا : @ لاَزم البابَ إن عَشِقتَ الجَمَالا واهجُر النَّوم إنْ أردت الوِصَالا واجعل الروحَ منك أَوَّل نَقدٍ لحبيبٍ أَنوارُه تَتَلالا @@ قلت : فالحبيب غيور لا يحب أن يرى في قلب حبيبه غيره . فإذا رأى فيه شيئاً أخرجه منه ، وفرق بينه وبينه غيرةً منه واعتناء به ، وهو السر في افتراق يوسف من أبيه . والله تعالى أعلم . ثم تعرضوا ليوسف ، فقالوا : { ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً } .