Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 9-10)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : قال إخوة يوسف لما حركهم الحسد { اقتلوا يوسف } قيل : إنما قاله شمعون ودان ، ورضي به الآخرون ، { أو اطرَحُوهُ أرضاً } أي : في أرض بعيدة يأكله السباع ، أو يلتقطه أحد ، فإن فعلتم { يَخلُ لكم وجهُ أبيكم } أي : يصفْ إليكم وجه أبيكم فليقبل بكليته عليكم ، ولا يلتفت عنكم إلى غيركم ، ولا ينازعكم في محبته أحد ، { ولا تكونوا من بعده } من بعد يوسف ، أو الفراغ من أمره ، أو قتله ، أو طرحه ، { قوماً صالحين } تائبين إلى الله عما جنيتم ، مع محبة أبيكم . أو صالحين في أمور دنياكم ، فإنها تنتظم لكم بخلو وجه أبيكم لكم ، { قال قائل منهم } هو يهوذا ، وكان أحسنهم فيه رأياً ، وقيل : روبيل : { لا تقتلوا يوسف } فإن القتل عظيم ، { وألقُوه في غيابه الجُبِّ } : في قعره ، سمي به لغيبته عن أعين الناظرين . ومن قرأ بالجمع ، فكان بتلك الجب غيابات ، { يلتقطْه } : يأخذه { بعضُ السيارة } أي : الذين يسيرون في الأرض ، { إن كنتم فاعلين } ما يفرق بينه وبين أبيه ولا بد ، أو كنتم فاعلين بمشورتي . الإشارة : إن أردت أن يخلو لك وجه قلبك فيخلو لك وجه حبيبك ، حتى تشاهده عياناً وتعرفه إيقاناً ، فاقتل كل ما يميل إليه قلبك ويعشقه من الهوى ، واطرح عن عين بصيرتك رؤية السِّوى ، ترى من أنوار وجهه ، وأسرار محاسنه ، ما تبتهج به القلوب والأسرار ، وتتنزه في رياض محاسنه البصائر والأبصار ، وأنشدوا : @ إِنْ تَلاَشَى الكَون عَنْ عَينِ كَشفِي شَاهَدَ القلبُ غَيبَهُ في بَيَان فَاطرحِ الكَون عن عِيَانِكَ وامْحُ نُقطَةَ الغَينِ إِن أَرَدتَ تَرَانِي @@ ثم احتالوا على أبيهم في إرسال يوسف معهم ، كما قال تعالى : { قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا } .