Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 25-26)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : { والذين ينقُضُون عهد اللهِ … } الذي اخذه عليهم في عالم الذر ، حيث قال : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَىٰ } [ الأعراف : 172 ] ، ثم كفروا به بعد بعث الرسل المنبهين عليه . أو ينقضون العهود فيما بينهم وبين عباد الله ، أن أعطوا ذلك من أنفسهم ، { ويقطعونَ ما أمر اللهُ به أن يُوصل } من الأرحام ، أو ممن يدل على الله من الأنبياء ، والعلماء الأتقياء فإنَّ الله أمر بوصلهم ، { ويُفسدون في الأرض } بالظلم والمعاصي ، وتهييج الفتن ، { أولئك لهم اللعنةُ } : البُعد والطرد من رحمة الله ، { ولهم سُوءُ الدَّارِ } : سوء عاقبة الدار ، وهو العذاب والهوان ، حيث اغتروا في الدنيا بسعة الأرزاق ، وظنوا أن ذلك من علامة إقبال الحق . ولم يدروا أن الله { يبسُطُ الرزقَ لمن يشاءُ } ، ولو كان من أهل الشقاء ، { ويَقْدِرُ } يُضيقه على من يشاء ، ولو كان من أهل السعادة والعناية ، { وفرحُوا بالحياة الدنيا } واطمأنوا بها ، وقنعوا بنعيمها الفاني ، { وما الحياةُ الدنيا } في جنب الآخرة { إلا متاعٌ } إلا متعة لا تدوم ، كعُجَالة الراكب وزاد الراعي . وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم : " مَا لي وللدُّنْيَا إِنَّما مثلي ومَثَلُ الدُّنيا كَرَاكبٍ سَافَرَ في يَوْمٍ صائِفٍ ، فَاسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرةٍ ، ثم رَاحَ عَنْها وَتَركَهَا " والمعنى : أنهم أشِروا بما نالوا من الدنيا ، ولم يصرفوها فيما يستوجبون به نعيم الآخرة ، واغتروا بما هو في جنبه نزر قليل النفع ، سريع الزوال . قاله البيضاوي . الإشارة : لا شيء أفسد على المريد من نقض عهود المشايخ ، والرجوع عن صحبتهم فإنه لمَّا دخل في حماهم انقبض عنه الشيطان والدنيا والهوى ، وأسفوا عليه ، فإذا رجع إليهم ، واتصلوا به ، فعلوا به ما لم يفعلوا بغيره كمن هرب من عدوه ثم اتصل به . وتنسحب عليه الآية من قوله : { والذين ينقضون عهد الله } إلى قوله : { أولئك لهم اللعنة } أي : البُعد عن الحضرة ، { ولهم سوء الدار } وهو : غم الحجاب والبقاء من وراء الباب . فإذا رجعت إليه الدنيا يقال له : { الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } فلا تغتر ولا تفرح بالعرض الفاني ، فما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع قليل ، ثم التحسر الوبيل . ثمَّ أجاب عن طلب المعجزة ليؤمن فقال : { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ … }