Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 30-30)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : كذلك : مفعول مطلق بأرسلناك ، أي : مثل ذلك الإرسال المتقدم أرسلناك . وقال ابن جزي : الكاف تتعلق بالمعنى الذي في قوله : { يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب } . هـ . أي : كما أن الإضلال والهداية بيده كذلك اختصاصك بالرسالة إلى أمة … إلخ ، وجملة : وهم يكفرون : حال من ضمير عليهم أي : لتتلو عليهم في حال كفرهم لعلهم يؤمنون . و متاب : مفعل ، من التوبة . يقول الحق جل جلاله : قد أرسلنا قبلك رسلاً فأنذروا وبشروا قومهم ، { كذلك أرسلناك } أي : مثل ذلك الإرسال أرسلناك في أمة ، أو كما هدينا من أناب إلينا اختصصناك برسالتنا ، { في أُمةٍ قد خَلتْ } مضت { من قبلها } أي : تقدمها { أممٌ } أرسل إليهم رسلهم فليس ببدع إرسالك إلى هذه الأمة الأمية ، { لِتَتلُوَ عليهم الذي أوحينا إليك } : لتقرأ عليهم الكتاب ، الذي أوحينا إليك ، والحالة أنهم { يكفرون بالرحمن } أي : بالبليغ الرحمة التي أحاطت بهم نعمته ، ووسعت كل شيء رحمته ، فلم يشكروا ما أنعم به عليهم ، وخصوصاً إرسالك إليهم ، وإنزال القرآن عليهم ، الذي هو مناط المنافع الدينية والدنيوية . قيل : نزلت في أبي جهل ، وقيل : في قريش حين قالوا : لا نعرف الرحمن ، والمعنى : أرسلناك إليهم رحمة لتتلوا عليهم ما هو مناط الرحمة ، { وهم يكفرون بالرحمن } ـ ، والحال : أنهم يكفرون ببليغ الرحمة . { قل هو ربي } أي : الرحمن خالقي ومتولي أمري ، { لا إله إلا هو } ، لا مستحق للعبادة غيره ، { عليه توكلتُ } في أموري ، ومن جملتها نصري عليكم . { وإليه مَتَابِ } مرجعي في أموري كلها ، لا أرجع إلى أحد غيره ، ولا أتعلق بشيء سواه . الإشارة : قد بعث الله في كل عارفاً بالله يحيي به الدين ، ويعرف الطريق إلى رب العالمين فالأرض لا تخلو ممن يقوم بالحجة ، غير أنهم تارة يخفون ، لفساد الزمان ، وتارة يظهرون رحمة للأنام . فإذا وقع الإنكار عليهم ، أو استغرب وجودهم ، يقال لهم : كذلك أرسلنا في كل أمة نذيراً ، وداعياً ، فإرسالكم أنتم وإظهاركم ليس ببدع ، لتعلموا الناس ما أوحي إليكم من طريق الإلهام فإظهاركم رحمة ، وهم يكفرون هذه النعمة . فاعتمدوا على الرحمن ، وثقوا بالواحد المنان ، وراجعوا إليه في كل حال وشأن . فمن توكل عليه كفاه ، ومن التجأ إليه حماه .