Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 31-31)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : يُقيموا : جواب شرط مقدر ، يتضمنه قوله : قل ، تقديره : إن تقل لهم أقيموا يقيموا ، ومعمول القول ، على هذا ، محذوف . وفيه تنبيه على أنهم لفرط مطاوعتهم للرسول عليه الصلاة والسلام ـ ، بحيث لا ينفك فعلهم عن أمره ، وأنه كالسبب الموجب له ، أي : مهما قلت أقاموا وأنفقوا . وقيل جزم بإضمار لام الأمر . ولا يصح أن يكون جواب الأمر من غير حذف لأن أمر المواجهة لا يجاب بلفظ الغيبة . انظر البيضاوي : وقال ابن عطية : إلا إن ضمّن قل معنى : بلّغ أو أدَّ ، فيصح أن يكون يقيموا : جواب أمره . وسراً وعلانية : حالان ، أو ظرفان ، ومن قرأ : " لا بيع " بالبناء فقد بنى " لا " مع اسمها بناء التركيب ، ومن قرأ بالرفع فقد أهملها . يقول الحق جل جلاله : { قل لعباديَ الذين آمنوا } ، خصهم بالإضافة إليه تشريفاً لم ، وتنويهاً بقدرهم ، وتنبيهاً على أنهم الذين قاموا بحقوق العبودية . قل لهم يا محمد : { يُقيموا الصلاة } التي هي عنوان الإيمان ، بإتقان شروطها وأركانها وآدابها ، { ويُنفقوا مما رزقناهم } من الأموال ، فرضاً ونفلاً ، { سراً وعلانيةً } أي : مُسرين ومعلنين ، أو في سر وعلانية ، والأحب : إعلان الواجب ، وإخفاء المُتَطَوَّع به ، إلا في محل الاقتداء لأهل الإخلاص . { من قبل أن يأتي يومٌ لا بيع فيه } فيبتاع المقصر ما يتدارك به تقصيره ، أو ما يفدي به نفسه ، { ولا خلالٌ } : ولا مخاللة ومودة تنفع في ذلك اليوم ، حتى ينفع الخليلُ خليلَه ، وإنما العملُ الصالح ، كالإنفاق لوجه الله ، وإقام الصلاة ، وغير ذلك . الإشارة : قد مدح الله هاتين الخصلتين : الصلاة والإنفاق ، وأمر بهما في مواضع من القرآن لأنهما عنوان الصدق ، أحدهما ، عمل بدني ، والآخر : عمل مالي . أما الصلاة فإنها طهارة للقلوب ، واستفتاح لباب الغيوب ، وهي محل المناجاة ومعدن المصافاة ، تتسع فيها ميادين الأسرار ، وتُشرق فيها شوارق الأنوار ، كما في الحِكَم . وفي بعض الأخبار : إن العبد إذا قام إلى الصلاة رفع الله الحُجُبَ بينه وبينه ، وواجهه بوجهه ، وقامت الملائكة من لدن منكبيه إلى الهواء ، يُصلون بصلاته ، ويُؤَمَّنُونَ على دعائه ، وإن المصلي لينثر عليه البر من عنان السماء إلى مفرق رأسه ، ويناديه مناد : لو يعلم المناجي من يناجي ما انفتل . وإن أبواب السماء لتفتح للمصلي . وإن الله تعالى يباهي ملائكته بصفوف المصلين . وفي التوراة : يا ابن آدم لا تعجز ان تقوم بين يَدَيَّ مصلياً باكياً ، فأنا الذي اقتربتُ من قلبك ، وبالغيب رأيتَ نوري . هـ . فكانوا يرون أن تلك المراقبة والبكاء ، وتلك الفتوح التي يجدها المصلي في قلبه من دنو الرب من القلب . وأما الصدقة فإنها برهان على إيمان صاحبها ، وفي الحديث : " الصَّدقةُ بُرْهانٌ " فهي تدل على خروج حب الدنيا من القلب ، وعلى اتصاف صاحبها بمنقبة السخاء ، التي هي أفضل الخصال ، وفي الحديث : " السَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنَ اللهِ ، قَرِيبٌ من النَّاس قريبٌ من الجَنَّةِ ، بَعِيدٌ من النارِ ، والبَخِيلُ بَعيدٌ من اللهِ ، بَعِيدٌ من النَّاسِ ، بَعِيدٌ مِنَ الجَنَّةِ ، قَرِيبٌ من النَّارِ ، ولجَاهلٌ سَخِيٌ أَحَبُ إلى اللهِ من عَالمٍ بخيلٍ " . ثمَّ ذكرهم بالنعم ليقيدوها بالشكر قبل أن تسلب منهم .