Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 39-41)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : لسميعُ الدعاء : من إضافة أمثلة المبالغة إلى مفعوله ، أي : لسميع دعاء من دعاءه . ومن ذريتي : عطف على مفعول " اجعل " ، أي : اجعلني وبعض ذريتي مقيمين للصلاة . يقول الحق جل جلاله : حاكياً عن خليله عليه السلام : { الحمدُ لله الذي وهبَ لي على الكِبَر } أي : مع كبر سني عن الولد ، { إسماعيل وإسحاق } ، رُوي أنه وُلد له إسماعيل لتسع وتسعين سنة ، وإسحاق لمائة وثنتي عشرة سنة ، وقيل : غير ذلك . وإنما ذكر كبر سنه ليكون أعظم في إظهار النعمة ، وإظهاراً لما فيه من الآية ، ولذلك قال : { إنَّ ربي لسميعُ الدعاء } أي : يجيب من دعاه ، من قولك : سمع الملك كلامي ، إذا اعتنى به . وفيه إشعارٌ بأنه تقدم منه سؤال الولد ، فسمع منه ، وأجابه حين وقع اليأس منه ، ليكون من أجلِّ النعم وأجلاها . ثم طلب الاستقامة له ولولده بقوله : { ربِّ اجعلني مقيم الصلاة } أي : مُتقناً لها ، مواظباً عليها ، { ومن ذريتي } فاجعل من يُقيمها . والتبعيض لعلمه بالوحي أنَّ مِنْ ولده من لا يقيمها ، أو باستقرار عادته في الأمم الماضية أن منهم من يكون كفاراً . { ربنا وتقبل دعاء } أي : استجب ، أو تقبل عبادتي . { ربنا اغفر لي ولوالدي } ، وكان هذا الدعاء قبل النهي ، أو قبل تحقق موتهما على الكفر ، أو يريد آدم وحواء . { وللمؤمنين يوم يقول الحسابُ } أي : يثبت ويتحقق وجوده ، مستعار من القيام على الرِّجل ، كقولهم : قامت الحرب على ساق . أو يقوم إليه أهله ، فحذف المضاف ، أي : يقوم أهل الحساب إليه ، وأسند إليه قيامهم مجازاً . الإشارة : إتيان النسل البشري ، أو الروحاني ، من أجلِّ النعم وأكملها على العبد ، وفي الحديث : " إذَا مَاتَ العَبْدُ انْقََطََعَ عَمَلُه إِلاَّ مَن ثَلاثٍَ ، صدقةٍ جَاريةٍ ، أو عَلْم بَثَه في صُدُور الرِّجالِ ، أو وَلدٍ صالح يدعُو له بَعدَ مَوتهِ " والولد الروحاني أتم ، لتحقق استقامته في الغالب . وطلب ذلك محمود كما فعل الخليل وزكريا ، وغيرهما ، وقد مدح الله مَنْ فعل ذلك بقوله : { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } [ الفرقان : 74 ] . وقرة عين في الذرية : أن يكونوا على الاستقامة في الدين ، وسلوك منهاج الصالحين . وكل ما أتوا به من الطاعة والإحسان فللوالدين حظ ونصيب من ذلك ، ولا فرق بين الولد الروحاني والبشري ، وفي ذلك يقول الشاعر : @ والمَرْءُ في ميزانه أَتْبَاعُهُ فاقْدِرْ إذنْ قَدْرَ النبيّ مُحَمَّدِ @@ والله تعالى أعلم . ثمَّ تمم قوله يوم يقوم الحساب بذكر أهواله .