Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 26-27)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : قال في الصحاح : الحَمأُ الْمسنُون : المنتنُ المتغير . وسُنَّةُ الوجه : صورته ، ثم قال : والمسْنُونُ : المصَوَّرُ ، وقد سَنَنتُهُ أَسُنُّه سَنَّا إذا صَوَّرتُه ، والمسْنُونُ : المُملَّسُ . وفي القاموس : الحَمأُ المسْنُونُ : المنْتنُ ، ورجُل مَسْنُونُ الوجه : مُمَلسُهُ ، حَسنُهُ ، سَهْلُهُ . أو في وَجْهِهِ وأنْفِهِ طُولٌ . وسنن الطين : عمله فخاراً . هـ . وفي ابن عطية : هو من سننت السكين والحجر : إذا أحكمت تلميسه . انطر بقية كلامه . وموضع { من حمأ } : نعت لصلصال ، أي : كائن من حمأ . و الجان : منصوب بمحذوف يفسره ما بعده . يقول الحق جل جلاله : { ولقد خلقنا الإنسان } أي : أصله ، وهو آدم ، { من صَلصَالٍ } أي : طين يابس يصلصل . أي : يصوت إذا نقر فيه وهو غير مطبوخ ، فإذا طُبخ فهو فخار ، { من حمأٍ } : من طين أسود { مسنونٍ } : متغير منتن ، من سننت الحجر على الحجر إذا حككته به فإنَّ ما يسيل بينهما يكون منتناً ، ويسمى سنيناً . أو مسنون : مصور ، أو مصبوب ليتصور ، كالجواهر المذابة تصب في القوالب ، من السن ، وهو الصب ، كأنه أفرغ الحمأ فصور منها تمثال إنسان أجوف ، فيبس حتى إذا نقر صلصل ، ثم غير ذلك طوراً بعد طور حتى سواه ونفخ فيه من روحه . { والجانَّ } وهو : إبليس الأول ، ومنه تناسلت الجن { خلقناه من قبلُ } أي : من قبل خلق الأنسان ، { من نار السَّمُوم } : من نار الحر الشديد النافذ في المسام ، ولا يمتنع خلق الحياة في الأجرام البسيطة ، كما لم يمتنع خلقها في الجواهر المجردة فضلاً عن الأجساد المؤلفة ، التي الغالب فيها الجزء الناري ، فإنها أقبل منها لها من التي الغالب فيها الجزء الأرضي . وقوله : { من نار } : لاعتبار الغالب ، كقوله : { خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ } [ فاطر : 11 ] . ومساق الآية كما هو للدلالة على قدرة الله تعالى ، وبيان بدء خلق الثقلين ، فهو للتنبيه على المقدمة الثانية التي يتوقف عليها إمكان الحشر ، وهو قبول المواد للجمع والإحياء . قاله البيضاوي . الإشارة : اعلم أن الخمرة الأزلية ، حين تجلت في مرائي جمالها ، تلونت في تجليها ، فتجلت نورانية ونارية ، ومائية وترابية ، وسماوية ، وهوائية ، إلى غير ذلك من ألوان تجلياتها ، فكانت الملائكة من النور ، والجن من النار ، والآدمي من التراب ، إلا أن الادمي فيه روح نورانية سماوية ، فاجتمع فيه الضدان : النور والظلمة فشرف قدره في الجملة ، فاستحق الخلافة ، فإذا غلبت روحانيته على جسمانيته فضل على جميع التجليات ، وما مثاله إلا كالمرآةِ التي خلفها الطلاءُ ، فينطبع فيه الوجود بأسره ، إذا صقلت مرآة قلبه ، فتكون معرفته بالحق أجلى وأنصع من معرفة غيره لأن المرآة التي خلفها الطلاء يتجلى فيها ما يقابلها أكثر من غيرها . وأيضاً بشرية الآدمي كالياقوتة السوداء إذا صقلت كانت أعظم اليواقيت . وسيأتي بقية الكلام عند قوله تعالى : { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } [ الإسراء : 70 ] إن شاء الله . ثم ذكر تشريف آدم الملائكة بالسجود له