Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 49-50)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { نبِّىءُ } : أخبر ، { عبادي أني أنا الغفور الرحيم } لمن آمن بي ، وصدق رسلي ، { وأنَّ عذابي هو العذابُ الأليم } لمن كفر بي ، وجحد رسلي ، أو بعضهم . قال البيضاوي : هي فذلكة ما سبق من الوعد والوعيد ، وتقرير له ، وفي ذكر المغفرة دليل على أنه لم يرد بالمتقين متقى الذنوب بأسرها ، كبيرها وصغيرها ، وفي توصيف ذاته بالغفران والرحمة دون التعذيب أي : لم يقل وأنا المعذب المؤلم ترجيح الوعد . هـ . وذكر ابن عطية ان سبب نزولها : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء إلى جماعة من أصحابه ، عند باب بني شَيْبَةَ في الحرم ، فوجدهم يضحكون ، فزجرهم ووعظهم ، ثم ولى ، فجاءه جبريل عن الله ، فقال : يا محمد أتُقَنِّط عبادي ؟ وتلى عليه الآية ، فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وأعلمهم . هـ . ثم قال : ولو لم يكن هذا السبب لكان ما قبلها يقتضيها إذ تقدم ذكر ما في النار وذكر ما في الجنة ، فأكّد تعالى تنبيه الناس بهذه الآية . هـ . قيل : وهذه الآية أبلغ ما في القرآن في إثارة الخوف والرجاء من الآي التي لا تشبهها في الإجمال لما فيها من التصريح ، ثم الرجاء فيها أغلب لأجل التقديم ، مع ذكره في آية الرجاء ، لصفاته العلية وأسمائه الحسنى ، وذلك يؤذن بالتهمم به وترجيحه ، وهو مذهب الصوفية في حال الحياة والممات . الإشارة : الخوف والرجاء يتعاقبان على الإنسان ، فتاره يغلب عليه الخوف ، وتارة يغلب عليه الرجاء . هذا قبل الوصول ، وأما بعد الوصول فالغالب عليهم الاعتدال ، قال في التنبيه : أما العارفون الموحدون فإنهم على بساط القرب والمشاهدة ، ناظرون إلى ربهم ، فانون عن أنفسهم ، فإذا وقعوا في ذلة ، أو أصابتهم غفلة ، شهدوا تصريف الحق تعالى لهم ، وجريان قضائه عليهم . كما أنهم إذا صدرت منهم طاعة ، أو لاح منهم لائح من يقظة ، لم يشهدوا في ذلك أنفسهم ، ولم يروا فيها حولهم ولا قوتهم لأن السابق إلى قلوبهم ذكر ربهم ، فأنفسهم مطمئنة تحت جريان أقداره . وقلوبهم ساكنة بما لاح لهم من أنواره ، ولا فرق عندهم بين الحالين لأنهم غرقى في بحار التوحيد ، قد استوى خوفهم ورجاؤهم ، فلا ينقص من خوفهم ما يجتنبونه من العصيان ، ولا يزيد في رجائهم ما يأتون من الإحسان . هـ . قلت : بل طرق الرجاء عندهم أرجح كما تقدم لأن الرجاء ناشئ عن غلبة المحبة ، وهي غالبة . والله تعالى أعلم . ثم ذكر قصة إبراهيم مع إضافة …