Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 6-9)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : { وقالوا } أي : كفار قريش : { يا أيها الذين نُزِّل عليه الذكْرُ } في زعمه ، أو قالوه تَهكماً ، { إنك لمجنون } أي : إنك لتقول قول المجانين ، حين تدعي أنه ينزل عليك الذكر ، أي : القرآن . { لَوْ مَا } : هلا { تأتينا بالملائكة } ليصدقوك فيما تدعي ، أو يعضدوك على الدعوى ، أو للعقاب على تكذيبنا { إن كنت من الصادقين } في دعواك ، قال تعالى : { ما نُنزّلُ الملائكة } لعذابهم أو لغيره { إلا بالحق } من الوحي ، والمصالح التي يريدها الله ، لا باقتراح مقترح ، أو اختبار كافر ، أو : إلا تنزيلاً ملتبساً بالحق ، أي : بالوجه الذي قدره في الأزل ، واقتضته الحكمة الإلهية ، وهو أنه لا تنزل إلا باستئصال العذاب ، وقد سبق في العلم القديم أن من ذريتهم من سبقت كلمتنا له بالإيمان ، أو يراد بالحق : العذاب ، ويؤيده قوله : { وما كانوا إذاً منظَرين } أي : ولو نزلت الملائكة لعوجلوا ، وما كانوا ، إذا نزلت ، مُؤخرين عن العذاب ساعة . ثم رد إنكارهم نزولَ الذكر واستهزاءَهُمْ فقال : { إنا نحن نزلنا الذَّكَر } أي : القرآن ، وأكده بأن وضمير الفصل ، وحفظه بعد نزوله ، كما قال : { وإنا له لحافظون } من التحريف ، والزيادة ، والنقص ، بأن جعلناه معجزاً ، مبايناً لكلام البشر ، لا يخفى تغيير نظمه على أهل اللسان . قال القشيري : نزل التوراة ، وَوَكَلَ حفظها إلى بني إسرائيل ، بما استحفظوا من كتاب الله ، فحرَّفوا وبَدَّلوا ، وأنزل القرآن ، وأخبر أنه حافظه ، فلا جرم أنه كتاب عزيز ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه . ويقال : إنه أخبر أنه حافظ القرآن ، وإنما يحفظه بقرائه ، فقلوبُ القُرَّاءِ هي خزائنُ كتابه وهو لا يضيع حفظة كتابه ، فإن في ذلك تضييع كتابه . هـ . وقال ابن عطية على قوله { ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ } [ البقرة : 75 ] ذهبت جماعة من العلماء إلى أنهم بدلوا ألفاظاً من تلقائهم ، وأن ذلك ممكن في التوراة لأنهم استحفظوها ، وغير ممكن في القرآن لأن الله تعالى ضمن حفظه . هـ . الإشارة : كل ما جاء في القرآن من الإنكار على الرسل على أيدي الكفرة وتنقصيهم ، والاستهزاء بهم ، ففيه تسلية لمن بعدهم من الأولياء . وكذلك ما ذكره الحق تعالى من مقالات أهل الجهل في جانبه كقوله : { لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ } [ آل عمران : 181 ] ، وقوله : { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ } [ المائدة : 64 ] ، إلى غير ذلك من مقالات أهل الجهل ، فكأن الحق تعالى يقول : لو سَلِم أحد من الناس ، لسلمتُ أنا وأنبيائي ، الذين هم خاصة خلقي ، فليكن بي وبرسلي أسوة لمن أُوذي من أوليائي . وبالله التوفيق . ثم تمم تلك التسلية