Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 80-84)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : بيوتاً : مفعول ينحتون ، بمعنى : يتخذون ، أو يصنعون . و آمنين : حال من فاعل ينحتون . يقول الحق جل جلاله : { ولقد كذَّب أصحاب الحجْرِ المرسلين } هم قوم ثمود ، والحِجْر : واديهم الذي يسكنونه ، وهو بين المدينة والشام ، كذبوا صالحاً عليه السلام ، ومن كذَّب واحداً من الرسل فكأنما كذَّب الجميع لأنهم جاؤوا بأمر متفق عليه ، وهو التوحيد أو يراد به الجنس ، كما تقول : فلان يركب الخيل ، وإنما يركب فرساً واحداً ، أو يراد به صالح ومن معه من المؤمنين لموافقتهم له فيما يدعو له . { وآتيناهم آياتنا } يعني : الناقة ، وما كان فيها من العجائب ، كسقيها وشربها ودرها ، أو ما نزل على نبيهم من الكتب ، أو ما نصب لهم من الأدلة . { فكانوا عنها معرضين } : لم ينظروا فيها ، ولم يعتنوا بأمرها . { وكانوا ينحتون } : يصنعون ، والنحت : النقر بالمعاول في الحجر والعود وشبهه ، فكانوا يتخذون { من الجبالِ } بالنقر فيها ، { بيوتاً } يسكنونها { آمنين } من الانهدام ، ونقب اللصوص ، وتخريب الأعداء لوثوقها . أو من العذاب لفرط غفلتهم ، أو حسبانهم أن الجبال تحميهم منه . { فأخذتهم الصيحةُ مصبحين } : داخلين في وقت الصباح ، { فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } من بناء البيوت الوثيقة ، واستكثار الأموال والعدد . الإشارة : من علامة الغفلة عن الله : الإنكار على أولياء الله ، والإعراض عما خصهم الله تعالى به من الآيات وخوارق العادات ، كالعلوم اللدنية والمواهب القدسية ، وكمال المعرفة ، والرسوخ في اليقين ، وشهود رب العالمين مع الأشغال بعمارة هذه الدار ، ونسيان دار القرار كأنه أمن من الموت من شدة الاغترار . وسبب ذلك : عدم التفكر والاعتبار . ولذلك قال تعالى بإثر قصص من أهلكهم من الأمم الغافلة