Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 101-103)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { والله أعلمُ بما يُنزَّل } : معترض بين الشرط ، وهو : { إذا } وجوابه ، وهو : { قالوا } لتوبيخ الكفار ، والتنبيه على فساد سندهم . و { هدى وبشرى } : عطف على : " ليُثبت " . يقول الحقّ جلّ جلاله : { وإِذا بدّلنا آيةً مكان آيةٍ } بأن نسخنا الأولى لفظًا أو حكمًا ، وجعلنا الثانية مكانها ، { والله أعلم بما يُنزّل } من المصالح ، فلعل ما يكون في وقت ، يصير مفسدة بعده ، فينسخه ، وما لا يكون مصلحة حينئذ ، يكون مصلحة الآن ، فيثبته مكانه . فإذا نسخ ، لهذه المصلحة ، { قالوا } أي : الكفرة : { إِنما أنت مُفتَر } : كذاب مُتَقوِّل على الله ، تأمر بشيء ثم يبدو لك فتنهى عنه ، قال تعالى : { بل أكثرهم لا يعلمون } حكمة النسخ ولا حقيقة القرآن ، ولا يميزون الخطأ من الصواب . { قل نزّله روحُ القُدُس } يعني : جبريل . والقدس : الطهر والتنزيه لأنه روح مُنزه عن لوث البشرية . نزله { من ربك } ملتبسًا { بالحق } : بالحكمة الباهرة ، أو مع الحق في أمره ونهيه وإخباره ، أو أنزله حقًا ، { ليُثَبتَ الذين آمنوا } على الإيمان لأنه كلام الله ، ولأنهم إذا سمعوا الناسخ والمنسوخ ، وتدبروا ما فيه من رعاية المصالح ، رسخت عقائدهم ، واطمأنت قلوبهم . { و } أنزله { هدىً وبُشرى للمسلمين } المنقادين لأحكامه ، أي : نزله تثبيتًا وهداية وبشارة للمسلمين . { ولقد نعلم أنهم يقولون إِنما يُعلِّمِه بَشَرٌ } يعنون : غلامًا نصرانيًا اسمه : جبَر ، وقيل : يعيش . قيل : كانا غلامين ، اسم أحدهما : جبَر ، والآخر يَسارٌ ، وكانا يصنعان السيوف ، ويقرآن التوراة والإنجيل ، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس إليهما ، ويدعوهما إلى الإسلام ، فقالت قريش : هذان هما اللذان يعلمان محمدًا ما يقول . قال تعالى في الرد عليهم : { لسانُ الذي يُلحدون إِليه أعجمي } أي : لغة الرجل الذي يُمِيلُون قولَهم عن الاستقامة إليه ، وينسبون إليه تعليم القرآن ، أعجمي ، { وهذا } القرآن { لسانٌ عربي مبين } ذو بيان وفصاحة . قال البيضاوي : والجملتان مستأنفتان لإبطال طعنهم ، وتقريره يحتمل وجهين أحدهما : أن ما سمعه منه كلام أعجمي لا يفهمه هو ولا أنتم ، والقرآن عربي تفهمونه بأدنى تأمل ، فكيف يكون ، - أي : القرآن - ما تلقفه منه ؟ وثانيهما : هب أنه تلقف منه المعنى باستماع كلامه ، لكن لم يتلقف منه اللفظ لأن ذلك أعجمي وهذا عربي ، والقرآن ، كما هو معجز باعتبار المعنى ، معجز باعتبار اللفظ ، مع أن العلوم الكثيرة التي في القرآن لا يمكن تعلمها إلا بملازمة معلم فائق في تلك العلوم مدة متطاولة ، فكيف يعلم جميع ذلك من غلام سُوقي ، سمع منه ، بعض أوقات ، كليمات عجمية ، لعله لم يعرف معناها ؟ ! فطعنهم في القرآن بأمثال هذه الكلمات الركيكة دليل على غاية عجزهم . هـ . الإشارة : كما وقع النسخ في وحي أحكام ، يقع في وحي إلهام فقد يتجلى في قلب الولي شيء من الأخبار الغيبية ، أو يأمر بشيء يليق ، في الوقت ، بالتربية ، ثم يُخبر أو يأمر بخلافه لوقوع النسخ أو المحو ، فيظن من لا معرفة له بطريق الولاية أنه كذب ، فيطعن أن يشك ، فيكون ذلك قدحًا في بصيرته ، وإخمادًا لنور سريرته ، إن كان داخلاً تحت تربيته . والله تعالى ىأعلم . ثم ذكر وبال من طعن في كلام الله