Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 51-55)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { إلهين اثنين } ، إلهين : مفعول أول ، واثنين : تأكيد ، والثاني : محذوف ، أي : معبودين لكم ، وفائدة التأكيد : التنبيه على أن المقصود هو النهي عن الإثنينية تنبيهًا على أن الإثنينية تنافي الألوهية ، كما ذكر الواحد في قوله : { إنما هو إله واحد } إثبات الوحدانية دون الإلهية . قاله البيضاوي . وعبارة صاحب المطول : لفظ إلهين حامل لمعنى الجنسية - أعني : الإلهية - ومعنى العدد - أعني : الإثنينية - وكذا لفظ " الله " حامل لمعنى الجنسية والوحدة ، والغرض المسوق له الكلام في الأول : النهي عن اتخاذ الاثنين من الإله لا إثبات جنسه ، فَوَصَفَ الإلهين باثنين وإله بواحد إيضاحًا لهذا الغرض وتفسيرًا له . هـ . ويحتمل أن يكون " اثنين " مفعولاً أولاً ، و " إلهين " مفعولاً ثانيًا . وقوله : { فإياي } : مفعول بفعل محذوف ، أي : ارهبوا ، ولا يعمل فيه ارهبون لأنه أخذ مفعوله ، وهو : ياء المتكلم ، و { واصبًا } : حال من { الدين } . و { ما بكم } : إما شرطية ، أو موصولة متضمنة معنى الشرط باعتبار الإخبار دون الحصول فإن استقرار النعمة بهم يكون سببًا للإخبار بأنها من الله ، لا سببًا لحصولها منه لأن جواب الشرط يكون مسببًا عن فعله ، واستقرار النعمة بهم ليس سببًا في حصولها من الله ، وإنما هو سبب في الإخبار بأنها من الله . فتأمله . وأصله للبيضاوي ، والجملة : يحتمل أن تكون استئنافية ، أو حالية ، فيتصل الكلام بما قبله ، أي : كيف تتقون غير الله ، والحال أن ما بكم من نعمة فمنه وحده ؟ واللام في { ليكفروا } : لام الأمر على وجه التهديد ، كقوله بعدُ : { فتمتعوا } فعلى هذا يبتدأ بها ، وقيل : هي لام العاقبة ، فعلى هذا توصف بما قبلها لأنها في الأصل لام كي ، وهو بعيد . يقول الحقّ جلّ جلاله : { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين } ، بأن تعبدوا الله تعالى ، وتعبدوا معه الأصنام ، { إنما هو إله واحد } لا شريك له ولا ظهير ، ولا معين ولا وزير ، { فإياي فارهبون } ، عَدَلَ من الغيبة إلى التكلم مبالغةً في الترهيب ، وتصريحًا بالمقصود ، كأنه قال : فأنا ذلك الإله الواحد ، فإياي فارهبون ، لا غيري ، { وله ما في السماوات والأرض } خلقًا وملكًا وعبيدًا ، { وله الدين } أي : الطاعة والانقياد { واصباً } : لازماً ، أو : واجباً وثابتاً لما تقرر أنه الإله وحده ، والحقيق بأن يرهَبَ منه فلا يُدَان لأحد إلا هو . وقيل : { وله الدِّينُ } أي : الجزاء { واصِبًا } أي : دائمًا ، فلا ينقطع ثوابه لمن آمن ، ولا عقابه لمن كفر . { أفغير الله تتقون } مع أنه ليس بيد غيره نفع ولا ضر ؟ ! كما قال : { وما بكم من نعمة فمن الله } أيْ : وأيّ شيء اتصل بكم من نعمة فهو من الله وحده ، { ثم إذا مسكم الضرُّ فإليه تجأرون } أي : فلا تتضرعون عند الشدة إلا إليه ، ولا تستغيثون إلا به . والجؤار : رفع الصوت في الدعاء والاستغاثة ، { ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريقٌ منكم بربهم يشركون } وهم : كفاركم ، ففي وقت الشدة ينسون أصنامهم ، وفي الرخاء يرجعون إليها . فعلوا ذلك { ليكفروا بما آتيناهم } من نعمة الكشف عنهم ، كأنهم قصدوا بشركهم كفران النعمة ، أو يكون تهديدًا ، أي : ليكفروا ما شاؤوا فسوف يعلمون ، كقوله : { فتمتعوا } بكفركم { فسوف تعلمون } عاقبة أمركم . الإشارة : قال في التنوير : أبى المحققون أن يشهدوا غير الله لما حققهم به من شهود القيومية ، وإحاطة الديمومية . هـ . فمن فتح الله بصيرته ، لم يشهد مع الحق سواه إذ الأكوان ثابتة بإثباته ، ممحوة بأحدية ذاته ، فما حجبك عن الحق وجود موجود معه إذ لا شيء معه ، وإنما حجبك توهم موجود معه " . فمن غاب عن ثنوية نفسه غاب عن ثنوية الأكوان ، ووقع على عين الشهود والعيان . فما ظهر في الوجود إلا أسرار ذاته وأنوار صفاته . وبالله التوفيق . ثم ذكر أهل الشرك وسفاهة رأيهم