Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 50-52)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { قريباً } : خبر كان ، أو ظرف له على أن " كان " تامة ، أي : عسى أن يقع في زمن قريب . و { أن يكون } : إما : اسم " عسى " وهي تامة ، أو خبرها ، والاسم مضمر ، أي : عسى أن يكون البعث قريبًا ، أو : عسى أن يقع في زمن قريب . و { يوم يدعوكم } : منصوب بمحذوف اذكروا يوم يدعوكم . أو : بدل من " قريب " على أنه ظرف . انظر أبا السعود . و { بحمده } : حال من ضمير { تستجيبون } ، أي : منقادين له ، حامدين له ، لما فعل بكم . يقول الحقّ جلّ جلاله : { قلْ } يا محمد لمن أنكر البعث : { كُونوا حجارة أو حديدًا أو خلقًا } آخر { ممَا يكْبُرُ } أي : يعظم { في صدوركم } عن قبول الحياة ، فإنكم مبعوثون ومُعادون لا محالة ، أي : لو كنتم حجارة أو حديدًا ، أو شيئًا أكبر عندكم من ذلك ، وأبعد من الحياة ، لقدرنا على بعثكم إذ القدرة صالحة لكل ممكن . ومعنى الأمر هنا : التقدير ، وليس للتعجيز ، كما قال بعضهم . انظر ابن جزي ، { فسيقولون مَن يُعيدنا } إلى الحياة مرة أخرى ، مع ما بيننا وبين الإعادة ، من مثل هذه المباعدة ؟ { قل الذي فطركم أول مرةٍ } ولم تكونوا شيئًا لأن القادر على البدء قادر على الإعادة ، بل هي أهون ، { فسيُنْغِضُون } يُحركون { إِليك رؤوسَهم } تعجبًا واستهزاءً ، { ويقولون } استهزاء : { متى هو } أي : البعث ، { قل عسى أن يكون قريبًا } ، فإنَّ كل ما هو آتٍ قريب . واذكروا { يومَ يدعوكم } يناديكم من القبور على لسان إسرافيل ، { فتستجيبونَ } أي : فتبعثون من القبور { بحمده } بأمره ، أو ملتبسين بحمده ، حامدين له على كمال قدرته ، عند مشاهدة آثارها ، ومعاينة أحكامها ، كما قيل : إنهم يقومون ينفضون التراب عن رؤوسهم ، ويقولون : سبحانك اللهم وبحمدك ، { وتظنون إِن لبثتم } ما لبثتم في الدنيا { إِلا قليلاً } لما ترون من الهول ، أو تستقصرون مدة لبثكم في القبور ، كالذي مرَّ على قرية . والله تعالى أعلم . الإشارة : مَن كان قلبه أقسى من الحجارة والحديد ، واستغرب أن يُنقذه الله من شهوته ، وأن يخرجه من وجود جهالته وغفلته ، فقُل لهم : كونوا حجارة أو حديدًا ، أو خلقًا أكبر من ذلك ، فإن الله قادر على أن يُحيي قلوبكم بمعرفته ، ويُلينها بعد القساوة ، بسبب شرب خمرته . فسيقولون : من يُعيدنا إلى هذه الحالة ؟ قل : الذي فطركم على توحيده أول مرة ، حين أقررتم بربوبيته ، يوم أخذ الميثاق . فسَيُنْغضون إليك رؤوسهم تعجبًا واستغرابًا ، ويقولون : متى هو هذا الفتح ؟ ! قل : عسى أن يكون قريبًا يوم يدعوكم إلى حضرته بشوق مقلق ، أو خوف مزعج ، بواسطة شيخ عارف ، أو بغير واسطة ، فتستجيبون بحمده ومنته ، وتظنون إن لبثتم في أيام الغفلة إلا قليلاً فتلين قلوبكم ، وتطمئن نفوسكم ، وتنشرح صدوركم ، وتحسن أخلاقكم ، فلا تخاطبون العباد إلا بالتي هي أحسن .