Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 9-10)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : " وأنَّ الذين " : إما عطف على " أن " الأولى ، أو على " ويُبشر " بإضمار يخبر . يقول الحقّ جلّ جلاله : { إِنَّ هذا القرآن يَهدي للتي } للطريق التي { هي أقومُ } الطرق وأعدلها ، { ويُبشِّرُ المؤمنين الذين يعملون } الأعمال { الصالحاتِ أنَّ لهم أجرًا كبيرًا } وهو : الخلود في النعيم المقيم ، وزيادة النظر إلى وجهه الكريم . { و } يخبر { أنَّ الذين لا يُؤمنون بالآخرة أعتدنا } أي : أعددنا { لهم عذابًا أليمًا } ، أو : ويُبشر المؤمنين ببشارتين : ثوابهم ، وعقاب أعدائهم . الإشارة : لا شك أن القرآن يهدي إلى طريق الحق إما إلى طريق تُوصل إلى نِعم جنانه ، أو إلى طريق تُوصل إلى شهوده ودوام رضوانه ، فالأولى طريق الشرائع والأحكام ، والثانية طريق الحقائق والإلهام ، لكن لا يدرك هذا من القرآن إلا من صفت مرآة قلبه بالمجاهدة والذكر الدائم ، ولذلك أمر شيوخُ التربية المريد بالاشتغال بالذكر المجرد ، حتى يُشرق قلبه بأنوار المعارف ، ويرجع من الفناء إلى البقاء ، ثم بعد ذلك يُمر بالتلاوة ، ليذوق حلاوة القرآن ، ويتمتع بأنواره وأسراره ، وقد أنكر بعضُ من لا معرفة له بطريق التربية على الفقراء هذا الأمر - أعني : ترك التلاوة في بدايتهم - محتجًا بهذه الآية ، ولا دليل فيها عليهم ، لأن كون القرآن يهدي للتي هي أقوم يعني : التمسك والتدبر في معانيه ، دليل فيها عليهم لأن كون القرآن يهدي للتي هي أقوم يعني : التمسك والتدبر في معانيه ، ولا يصح ذلك على الكمال إلا بعد تصفية القلوب ، كما هو مجرب ، ولا ينكر هذا إلا من لا ذوق له في علوم القوم ، وربما يُذكر وجود التربية من أصلها ، ويسد البابَ في وجوه الناس ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . فإذا اتصل العبد بأهل هذا الطريق ثم تأخر الفتح عنه فلا يقنط