Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 102-102)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { أن يتخذوا } : سد مسد المفعولين ، أو حذف الثاني ، أي : أَحَسِبُوا اتخاذهم نافعَهم و { نزلاً } : حال من جهنم . يقول الحقّ جلّ جلاله : منكرًا على الكفار المتقدمين : { أفَحَسِبَ الذين كفروا } حين أعرضوا عن ذكري ، وكانت أعينهم في غطاء عن رؤية دلائل توحيدي ، { أن يتخذوا عبادي } كالملائكة والمسيح وعزير ، أو الشياطين لأنهم عباد ، { من دُونِي أولياءَ } أي : معبودين من دوني ، يُوالونهِم بالعبادة ، أن ذلك ينفعهم ، أو : ألا نعذبهم على ذلك ، بل نعذبهم على ذلك ، { إِنا أَعتدنا } يَسَّرنا وهيأنا { جهنمَ للكافرين نُزُلاً } أي : شيئًا يتمتعون به أول ورودهم القيامة . والنزُل : ما يقدم للنزيل أي : الضيف ، وعدل عن الإضمار ذمًا لهم على كفرهم ، وإشعارًا بأن ذلك الإعتاد بسبب كفرهم ، وعبَّر بالإعْتادِ تهكمًا بهم ، وتخطئة لهم ، حيث كان اتخاذهم أولياء من قبيل العتاد ، وإعداد الزاد ليوم المعاد ، فكأنه قيل : إنا أعتدنا لهم ، مكان ما أعدوا لأنفسهم من العدة والذُّخْرِ ، ، جهنم عدة لهم . وفي ذكر النُزل : إيماء إلى أن لهم وراء جهنم من العذاب ما هو أنموذج له ، وتستحقر دونه ، وقيل : النزل : موضع النزول ، أي : أعتدناها لهم منزلاً يقيمون فيه . والله تعالى أعلم . الإشارة : ما أحببتَ شيئًا إلا وكنتَ له عبدًا ، وهو لا يُحب أن تكون لغيره عبدًا ، فأَفْرد قلبك لله ، وأَخْرِج منه كلَّ ما سواه ، فحينئذ تكونُ عبدًا لله ، حرًا مما سواه ، فكل ما سوى الله باطلٌ ، وظل آفل ، فكن إبراهيميًا ، حيث قال : { لاۤ أُحِبُّ ٱلآفِلِينَ } [ الأنعَام : 76 ] ، فارفع أيها العبد همتك عن الخلق ، وعلقها بالملك الحق ، فلا تُحب إلا الله ، ولا تطلب شيئًا سواه ، كائنًا ما كان ، من جنس الأشخاص ، أو من جنس الأحوال أو المقامات أو الكرامات لئلا تنخرط في سلك من اتخذ من دون الله أولياء ، فتكون كاذبًا في العبودية . رُوِيَ عن الشيخ أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه أنه قال : قرأتُ الفاتحة ، فقلت : الحمد لله رب العالمين . فقال لي الهاتف مِنْ قِبَل الله تعالى : صدقت ، فقلت : الرحمن الرحيم ، فقال : صدقت . فقلت : مالك يوم الدين ، فقال : صدقت . فلما قلتُ : إياك نعبد ، قال كذبتَ لأنك تعبد الكرامات ، قال : ثم أدبني ، وتبت لله تعالى . ذكره ابن الصباغ مُطولاً . قلت : ولعله قبل ملاقاة الشيخ ، ولذلك عاتبه بقوله : يا أبا الحسن عِوَضُ ما تقول : " سَخِّر لي خلقك " ، قل : يا رب كن لي ، أرأيت إن كان لك أيفوتك شيء ؟ نفعنا الله بجميعهم . وهذا الغلط يقع للمتوجهين ولغيرهم …