Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 272-272)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ … } يقول الحقّ جلّ جلاله : لنبيه عليه الصلاة والسلام : { ليس عليك } يا محمد { هداهم } أي : لا يجب عليك أن تخلق الهداية في قلوبهم ، وليس من شأنك ذلك ، إنما أنت نذير تدلُّ على الخير ، كالنفقة وغيرها ، وتنهى عن الشر كالمِّن والأذى ، وإنفاق الخبيث ، وغير ذلك من المساوئ { ولكن الله يهدي من يشاء } بفضله وإحسانه ، فالأمور كلها بيد الله خيرها وشرها ، لكن من جهة الأدب { مَّآ أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ } [ النِّساء : 79 ] . وبالله التوفيق . الإشارة : ما قيل في الرسول - عليه الصلاة والسلام - يقال في ورثته من أهل التذكير ، فليس بيدهم الهداية والتوفيق ، وإنما شأنهم الإرشاد وبيان الطريق ، فليس من شأن الدعاة إلى الله الحرص على هداية الخلق . وإنما من شأنهم بيان الحقّ . { إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ } [ النّحل : 37 ] . والله تعالى أعلم . ثم رجع الحقّ تعالى إلى الترغيب في الصدقة والإخلاص فيها ، فقال : { … وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ ٱللَّهِ وَمَا تُنْفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } قلت : هذه ثلاث جمل كلها تدل على الترغيب في إنفاق الطيب وإخلاص النية . يقول الحقّ جلّ جلاله : { وما تنفقوا من خير } قليل أو كثير ، فهو { لأنفسكم } لا ينتفع به غيركم ، فإن كان طيباً فلأنفسكم ، وإن كان خبيثاً فأجره لكم ، وإن مننتم به أو آذيتم فقد ظلمتم أنفسكم ، وإن أخلصتم فيه فلأنفسكم ، وأيضاً إنكم تَدَّعُونَ أنكم { ما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله } ، فكيف تقصدون الخبيث ، وتجعلونه لوجه الله ؟ وكيف تَمُنُّونَ أو تؤذون بها وهي وجه الله ؟ هذا تكذيب للدعوى ، وكل ما تنفقون من خير قليل أو كثير { يُوف إليكم } جزاؤه يوم القيامة بسبعمائة إلى أضعاف كثيرة ، ويخلفه لكم في الدنيا ، { وأنتم لا تظلمون } شيئاً من أعمالكم إن أخلصتم أو أحسنتم . وستأتي إشارتها مع ما بعدها .