Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 47-48)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { العدل } بالفتح : الفداء ، وبالكسر : الحمل ، وجملة { لا تجزي } : صفة ليوم ، والعائد محذوف ، أي : لا تجزي فيه . يقول الحقّ جلّ جلاله : { يَا بَنِي إسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ } على آبائكم بالهداية وبعث الرسل ، { وَأنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ } : أهل زمانكم ، فاذكروا هذه النعم واشكروني عليها بأن تتبعوا هذا النبيّ الجليل ، الذي تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل . وخافوا { يَوْماً } لا تَقْضي فيه { نَفْسٌ عَن نَّفْسِ شَيْئًا } بحيث لا تجلِب لها نفعاً ، ولا تدفع عنها ضرراً ، ولا تقبل { مِنْهَا شَفَاعَةٌ } إن وقعت الشفاعة فيها ، ولا يؤخذ منها فداء ، إن أرادت الفداء عنها ، ولا تنتصر في دفع العذاب ، إن أرادت الانتصار بعشيرتها . فانتفى عنها وجوه الامتناع من العذاب بأي وجه أمكن فإن الإنسان إذا أُخذ للنكال احتال على نفسه إما بالشفاعة ، أو بالفداء إن لم تقبل الشفاعة فيه ، أو بالانتصار بأقاربه ، والآيةُ في الكفار ، فلا حجةَ لمن ينفِي الشفاعة في عُصَاة المؤمنين ، والله تعالى أعلم . الإشارة : قد يتوجَّهُ العتاب إلى أهل الرئاسة والجاه ، من العلماء والصالحين ، وكل من خُصَّ بشرف أو خصوصية ، فيقول لهم الحق تعالى : { اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ } بالعلم أو السيادة أو الصلاح ، وبأن فضلتكم على أهل زمانكم ، وخصصتكم من أبناء جنسكم فقد رُوِيَ : " أنَّ العبد يُحاسب على جاهه كما يُحاسب على ماله " . فمن صرفه في طاعة الله ، وتواضع لعباد الله ، وسعى في حوائجهم ، وأبلغ الجهد في قضاء مآربهم ، كان ذلك شكراً لنعمة الجاه فقد رُوِيَ في الحديث : " مَنْ سَعَى في حَاجَةِ أخيهِ المسْلِم ، قُضِيتْ أو لَم تُقْضَ ، غُفِر لَه ما تقدَم مِنْ ذنبه ، وكُتب له براءتان : براءة من النار وبراءة من النفاق " . ولا يأخذ على ذلك أجراً ولا جُعلاً فإنَّ ذلك سحت وربا ، ومن تكبّر به وطغى ، أو أخذ على ذلك أجراً ، قيل له يوم القيامة : قد استوفيت أجرك فلا حظ لك عندنا ، فلا تنفعه شفاعة ، ولا يقبل منه فداء ، ولا يقدر أن ينتصر من موارد الهوان والردى ، ففي بعض الأخبار : يقول الله تعالى للفقراء الذين يعظمون في الدنيا لأجل فقرهم : ألم أرخص لكم الأسعار ؟ ألم أوسع لكم المجالس ؟ ألم أُعطِّف عليكم عبادي ؟ فقد أخذتم أجركم في الدنيا . أو كما قالك والله تعالى أعلم .