Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 4-5)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : الموصول مبتدأ ، و { أولئك } خبره ، أو عطف على { المتقين } ، وحذف المنزل عليه في جانب الكتب المتقدمة ، فلم يقُلْ : وما أنزل على مَن قبلك إشارة إلى أن الإيمان بالكتب المتقدمة دون معرفة أعيان المنزل عليهم كاف ، إلا من ورد تعيينُه في الكتاب والسنّة فلا بد من الإيمان به ، أما القرآن العظيم فلا بد من الإيمان أنه منزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فمن اعتقد أنه منزل على غيره كالروافض فإنه كافر بإجماع ، ولذلك ذكر المتعلق بقوله : { بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } . يقول الحقّ جل جلاله : { وَالَّذينَ } يصدقون { بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } يا محمد من الأخبار الغيبية والأحكام الشرعية ، والأسرار الربانية والعلوم اللدنية { ومَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } من الكتب السماوية ، والأخبار القدسية ، وهم { يُوقِنُونَ } بالبعث والحساب والرجوع إلينا والمآب ، على نعتٍ ما أخبرتُ به في كتابي وأخبار أنبيائي ، { أُولَئِكَ } راكبون على مَتْنِ الهداية ، مُسْتَعْلون على محمل العناية ، محفوفون بجيش النصر والرعاية ، { وَأُولَئِكَ هُم } الظافرون بكل مطلوب ، الناجون من كل مخوف ومرهوب ، دون من عداهم ممن سبق له الخذلان ، فلم يكن له إيمان ولا إيقان ، فلا هداية له ولا نجاح ، ولا نجاة له ولا فلاح ، نسأل الله العصمة بمنّه وكرمه . الإشارة : قلت : كأن الآية الأولى في الواصلين ، والثانية في السائرين ، لأن الأولين وصفهم بالإنفاق من سعة علومهم ، وهؤلاء وصفهم بالتصديق في قلوبهم ، فإن داموا على السير كانوا مفلحين فائزين بما فاز به الأولون . فأهل الآية الأولى من أهل الشهود والعيان ، وأهل الثانية من أهل التصديق والإيمان . أهل الأولى ذاقوا طعم الخصوصية ، فقاموا بشهود الربوبية وآداب العبودية ، وأهل الثانية صدقوا بنزول الخصوصية ودوامها ، واستنشقوا شيئاً من روائح أسرارها وعلومها ، فهم يوقنون بوجود الحقيقة ، عالمون برسوم الطريقة ، فلا جرم أنهم على الجادة وطريق الهداية ، وهم مفلحون بالوصول إلى عين العناية . دون الفرقة الثالثة التي هي الإنكار موسومة ، ومن نيل العناية محرومة ، التي أشار إليها الحق تعالى .