Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 55-56)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { جهرة } مصدر نرى لأنه نوع منه ، أي : نرى الله رؤية عيان ، أو حال من الفاعل ، أي : نراه معاينين له ، أو من المفعول أي : نراه معاينة . يقول الحقّ جلّ جلاله : واذكروا أيضاً ، يا بني إسرائيل ، حين قلتم لموسى عليه السلام لما رجع من الطور ، ووجدكم قد عبدتم العجل ، فأخذ منكم سبعين رجلاً ممن لم يعبد العجل ، وذهب يعتذر ، فلما سمعتم كلامي أنكرتموه وحرفتموه ، وقلتم : { لَن نُؤْمِنَ لَكَ } أن هذا كلام الله { حَتَّى نَرَى اللّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةِ } بسبب طلبكم ما لا طاقة لكم به ، فغبتم عن إحساسكم ، وذهبت أرواحكم ، { وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ } ما فعل بكم ، فاستشفع فيكم موسى عليه السلام وقال : يا { رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّاىَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَآءُ مِنَّا } [ الأعرَاف : 155 ] كيف أرجع إلى قومي بغير هؤلاء ؟ { ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْد مَوْتِكُمْ } وعشتم زماناً بعد ذلك { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } هذه النعمة ، وتقومون بحسن الخدمة ، فتقروا بربوبيتي ، وتصدقوا برسلي ، فلم تفعلوا . الإشارة : من شأن الأرواح الطيبة التشوق إلى الحضرة ، والتشوف إلى العيان والنظرة ، فلا يحصل لها كمال التصديق والإيقان إلا بعد الشهود والعيان ، فلما علم الحق سبحانه من بعض الأرواح صدق الطلب ، رفع عنها الحجاب ، وفتح لها الباب ، فأخذتها صاعقة الدهشة والحيرة ، ولم تطق صدمة المشاهدة والنظرة ، فغابت عن الأشكال والرسوم في مشاهدة أنوار الحي القيوم ، ثم مَنَّ عليها بالبعث من موت الفناء إلى حياة البقاء ، فأمنت من الشقاء ، فحصلت لها الحياة الدائمة والسعادة السرمدية . فالصاعقة عند أهل الفن هي عبارة عن الغيبة عن النفس ، وفناء دائرة الحس ، وهي شهود عدمك لوجود الحق ، والبعث منها هو مقام البقاء ، وهو شهود الأثر بالله . وهو مقام حق اليقين . وحاصلة : شهود وجود الحق وحده ، لا عدمك ولا وجودك ، " كان الله ولا شيء معه ، وهو الآن على ما عليه كان " . وبالله التوفيق .