Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 67-71)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : الفارض : المسنة التي لا تلد ، يقال : فرضت البقرة ، تفرض فروضاً ، إذا أسنت . البكر : الصغير التي لم تلد ، العوان : المتوسطة بين المسنة والصغيرة ، والفاقع : الناصع الصفرة ، يقال : أصفر فاقع ، وأسود حالك ، أي : شديد السواد ، وأصل شية : وِشْيَة ، كعدة ، حذفت فاؤها وعوض عنها التاء ، والوشي : الرقم . يقول الحقّ جلّ جلاله : واذكروا يا بني إسرائيل حين { قال موسى لقومه } لما تخاصموا إليه في قتيل وجد في قرية ولم يدر قاتله ، وذلك أن رجلاً فقيراً من بني إسرائيل قتل قريباً له كان موسراً ليرثه ، ثم رماه في قرية أخرى ، ثم ذهب يطلب دمه ، فترافعوا إلى موسى عليه السلام فقال لهم بوحي : { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } ، وأبهم الأمر عليهم ، { قَالُوا أَتَتَّخِذُونَا هُزُواً } أي : مهزوءاً بنا ، حيث نسألك عن بيان القائل وأنت تأمرنا أن نذبح بقرة ، وهذا من تعنتهم وسوء أدبهم . { قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ } إذ لا يستهزئ بأمر الدين إلا الجاهل . فلما رأوا جدَّه { قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لنَا مَا هِيَ } ، هل هي كبيرة أو صغيرة أو متوسطة ؟ { قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ } أي : كبيرة ، { ولا بكر } أي : ولا صغير { عَوَانٌ } متوسطة بين ما ذكر من الصغر والكبر ، { فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ } ، فإن الله يُبين لكم القاتل ، { يَقِولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءٌ فَاقِعٌ لوْنُهَا } ناصع صفرتها { تَسُرُّ النَّاظِرِينَ } لسمنها وبهجة لونها ، { قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ } ، فإن البقر الصفر كثير ، وقد تشابه علينا أمرها ؟ { قَالَ إِنَّهُ } تعالى يقول : إنها مسلمة من العمل ليست ذلولاً ، أي : مذللة بالعمل لا { تُثِيرُ } أي : تقلب { الأرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ } بالسانية . { مُسَلَّمَةٌ } من العيوب كلها ، { لاَّ شِيَةَ فيهَا } أي : لا رقم فيها يخالف الصفرة . فلما تبين لهم الأمر { قَالُوا الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ } الواضح ، فوجدوها عند شاب كان بيد أمه ، قد استودعها له أبوه في غيضة ، فاشتروها منه بملء جلدها ذهباً ، أو بوزنها ، { فذبحوها } ، وضربوا القتيل بجزء منها ، فجلس وعروقه تسيل دماً ، وقال : قتلني ابن عم لي ، ثم رجع ، { وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ } لكثرة ترددهم ، أو لفحش غلوها . قال عليه الصلاة والسلام : " لو ذبحوا أدنى بقرة لكفتهم لكن شددوا فشدد الله عليهم " .