Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 71-72)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { إلى الأرض } : يتعلق بحال محذوفة ، ينساق إليها الكلام ، أي : ذاهبًا بهما إلى الأرض . يقول الحقّ جلّ جلاله : { ونجيناه } أي : إبراهيم { ولوطًا } ابن أخيه هاران ، ذاهبًا بهما من العراق { إِلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين } ، وهي أرض الشام . وبركاته العامة : أنَّ أكثر الأنبياء بُعثوا فيها ، فانتشرت في العالمين شرائعهم ، التي هي مبادئ الخيرات الدينية والدنيوية ، وهي أرض المحشر ، فيها يجمع الناس ، وفيها ينزل عيسى عليه السلام ، وقال أُبي بن كعب : ما من ماء عذب إلاَّ وأصله من تحت صخرة بيت المقدس ، وهي أرض خِصب ، يعيش فيها الفقير والغني . قال ابن إسحاق : خرج إبراهيم من كُوثى من أرض العراق ، وخرج معه لوط وسارة ، فنزل حَرّان ، ثم خرج منها إلى مصر ، ثم خرج منها إلى الشام ، فنزل السَّبُعَ من أرض فلسطين بزوجه سارة ، بنت عمه هاران الأكبر ، ونزل لوط عليه السلام بالمؤتفكة ، وبينهما مسيرة يوم وليلة ، وكلاهما من الشام . { ووهبنا له إسحاق ويعقوبَ نافلةً } أي : وهبنا له إسحاق ولدًا من صلبه ، وزاد يعقوب ، ولد ولده ، نافلة لأنه سأل ولدًا بقوله : { رَبِّ هَبْ لِي مِنَ ٱلصَّالِحِينِ } [ الصَّافات : 100 ] فأُعطيه ، وأُعطى يعقوب نافلة ، زائدًا على ما سأل لأنه أعطى من غير سؤال ، فكأنه تبرعًا . قال ابن جزي : واختار بعضهم - على هذا - الوقف على " إسحاق " لبيان المعنى ، وهذا ضعيف لأنه معطوفٌ على كل قول . هـ . وقيل : { نافلة } يرجع لهما معًا ، أي : أعطيناه ولدًا وولد ولد ، عطيةً ، فيكون حالاً منهما معًا ، قيل : هو مصدر ، كالعاقبة من غير لفظ الفعل ، الذي هو { وهبنا } وقيل : اسم ، { وكُلاًّ } أي : كل واحد من هؤلاء الأربعة ، { جعلنا صالحين } بأن وفقناهم لصلاح الظاهر والباطن ، حتى استحقوا الخصوصية . والله تعالى أعلم . الإشارة : الهجرة سُنَّة من سُنن الأنبياء والأولياء ، فكل من لم يجد في بلده من يعينُه على دينه ، يجب عليه الانتقال إلى بلدٍ يجد فيها ذلك . وكذلك المريد إذا لم يجد قلبه في محل لكثرة عوائده وشواغله بحيث يشوش عليه قلبه فلينتقل إلى بلد تقل فيها العلائق والشواغل ، إن وجد فيها من يحرك معهم فنَّه ، كان بادية أو حاضرة . والغالب أن الحاضرة تكثر فيها العوائد والحظوظ والشهوات ، فلا يدخلها المريد حتى يتقوى ويملك نفسه ، يأخذ النصيب من كل شيء ، ولا ينقص من نصيبه شيء ، وقد تقدم هذا مرارًا . وبالله التوفيق . ثمَّ مدحهم بالإماتة والاهتداء