Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 74-77)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { ولوطًا } : إما مفعول بمحذوف يُفسره قوله : { آتيناه } أي : وآتينا لوطًا ، أو : باذكر . و { نوحًا } : مفعول باذكر . يقول الحقّ جلّ جلاله : { ولوطًا آتيناه حُكمًا } أي : حكمة ، أو نبوة ، أو فصْلاً بين الخصوم بالحق ، { وعلمًا } بِنَا وبما ينبغي علمه للأنبياء - عليهم السلام - من علم السياسة ، { ونجيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائثَ } اللواطة ، وقذف المارة بالحصى ، وغيرها ، وصفت بصفة أهلها ، وأسندت إليها على حذف مضاف ، أي : من أهل القرية ، بدليل قوله : { إِنهم كانوا قوم سَوْءٍ فاسقين } : خارجين عن طاعة الله ورسوله . { وأدخلناه في رحمتنا } أي : في أهل رحمتنا ، أو جنتنا ، { إنه من الصالحين } الذين صلحت ظواهرهم وبواطنهم ، فنجيناه جزاء على صلاحه ، كما أهلكنا قريته عقابًا على فسادهم . { و } اذكر { نوحًا } ، وقدّم هؤلاء عليه لتعلقهم بإبراهيم ، أي : خبره ، { إِذْ نادى } أي : دعا الله تعالى على قومه بالهلاك ، أي : اذكر نبأه الواقع وقت دعائه ، { من قبلُ } هؤلاء المذكورين ، { فاستجبنا له } دعاءه الذي من جملته قوله : { أَنِّي مَغْلُوبٌ فَٱنتَصِرْ } [ القَمَر : 10 ] ، { فنجيناه وأهله } المؤمنين به ، من ولده وقومه ، { من الكرب العظيم } ، وهو الطوفان وتكذيب أهل الطغيان . وأصل الكرب : الغم الشديد ، { ونصرناه } نصرًا مستتبعًا للانتقام ، { من القوم الذين كذبوا بآياتنا } أي : منعناه من إذايتهم ، { إِنهم كانوا قومَ سَوْءٍ } ، تعليل لما قبله ، { فأغرقناهم أجمعين } ، صغيرهم وكبيرهم ، ذكرهم وأنثاهم لأن الإصرار على تكذيب الحق ، والانهماك في الشر والفساد ، مما يُوجب الإهلاك العام . والله تعالى أعلم . الإشارة : نبي الله لوط عليه السلام لمَّا هاجر من أرض الظلمة إلى الأرض المقدسة ، أعطاه الله العلم والحكمة . فكل من هاجر من الغفلة إلى محل الذكر واليقظة ، وهجر ما نهى الله عنه عوَّضه الله علمًا بلا تعلم ، وأجرى على لسانه ينابيع الحكمة . قال أبو سليمان الداراني رضي الله عنه : إذا اعتقدت النفس على ترك الآثام ، جالت في الملكوت ، وعادت إلى ذلك العبد بطرائف الحكمة ، من غير أن يُؤدِّيَ إليها عالمٌ علمًا . ومصداقه الحديث : " من عمل بما يعلم ، ورثه الله عَلْمَ ما لم يعلم " ولمَّا أجهد نفسه في تغيير المنكر نجّاه الله من أذاهم وما لحق بهم ، وكذلك نبيه نوح عليه السلام لما دعا قومه إلى الله ، وأجهد نفسه في نصحهم ، نجاه الله من شرهم وجعل النسل من ذريته ، فكان آدم الأصغر . وهذه عادة الله تعالى في خواصه ، يُكثر فروعهم ، ويجعل البركة في تركتهم . وبالله التوفيق . ثمَّ ذكر داوود وسليمان عليهما السلام