Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 95-97)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { حرام } : مبتدأ ، وفيه لغتان : حرام وحِرْم ، كحلال وحِلّ . و { أنهم … } الخ : خبر ، أو فاعل سد مسده ، على مذهب الكوفيين والأخفش . والجملة : تقرير لقوله : { كُلٌّ إلينا راجعون } ، و { لا } نافية ، أي : ممتنع على قرية أهلكناها عدمُ رجوعهم إلينا بالبعث ، بل كل إلينا راجعون . وقيل : { لا } زائدة ، والتقدير : ممتنع رجوع قرية أردنا إهلاكها عن غيهم ، { فإنهم } : على هذا : فاعل بحرام . قاله القصار . و { حتى } : ابتدائية ، غاية لما يدل عليه ما قبلها ، أي : يستمرون على ما هم عليه من الهلاك ، حتى إذا قامت القيامة يرجعون إلينا ، ويقولون : { يا ويلنا } . وقال أبو البقاء : { حتى } : متعلقة في المعنى بحرام ، أي : يستقر الامتناع ، أي : هذا الوقت . و { فإذا هي } : جواب { إذا } . وفي الأزهري : وقد يجمع بين الفاء وإذا الفجائية تأكيدًا ، خلافًا لمن منع ذلك . قال تعالى : { فإذا هي شاخصة } ، فإنه لو قيل : إذا هي ، أو فهي شاخصة لصح . هـ . وقيل : { يا ويلنا } : على حذف القول ، أي : إذا فتحت قالوا : يا ويلهم . و { اقترب } : عطف على فُتحت . يقول الحقّ جلّ جلاله : { وحرامٌ } أي : ممتنع { على } أهل { قريةٍ أهلكناها } قدرنا هلاكها ، أو حكمنا بإهلاكها لعتوهم ، { إنهم إلينا لا يَرجعون } بالبعث والحشر ، بل لا بد من بعثهم وحشرهم وجزائهم على أعمالهم . وتخصيص امتناع عدم رجوعهم بالذكر مع شمول الامتناع للكل لقوله : { كُلٌ إلينا راجعون } لأنهم المنكِرون للبعث والرجوع دون غيرهم . وقيل : المعنى : وممتنع على قرية ، أردنا إهلاكها ، رجوعهم إلى التوبة ، أو ممتنع على قرية ، أهلكناها بالفعل ، رجوعهم إلى الدنيا . وفيه رد على مذهب القائلين بالرجعة من الروافض وأهل التناسخ ، على أن " لا " صلة . وقُرئ بالكسر ، على أنه تعليل لما قبله ، فحرام ، على هذا ، خبر عن مبتدأ محذوف ، أي : ذلك العمل الصالح حرام على قرية أردنا إهلاكها لأنهم لا يرجعون عن غيرهم . وقال الزجاج : المعنى : وحرام على قرية ، أردنا إهلاكها ، أن يُتَقَبَّلَ منهم عمل لأنهم لا يرجعون ، أي : لا يتوبون ، ويجوز حمل المفتوحة على هذا بحذف اللام ، ويستمرون على ما هم عليه من الهلاك ، أو : فليستمر امتناعهم من الرجوع . { حتى إذا فُتحت يأجوجُ ومأجوج } ونُفخ في الصور ، وقامت القيامة ، فيرجعون ، ولا ينفعهم الرجوع . ويأجوج ومأجوج قبيلتان ، يقال : الناس عشرة أجزاء ، تسعة منها يأجوج ومأجوج . والمراد بفتحها : فتح سدها ، على حذف مضاف أي : حتى إذا فُتح سد يأجوج ومأجوج ، { وهم } أي : يأجوج ومأجوج ، وقيل : الناس بعد البعث ، { من كل حَدَبٍ } أي : نشز ومرتفع من الأرض ، { يَنسِلُونَ } : يسرعون ، وأصل النسل : مقاربة الخطو مع الإسراع . ويدل على عَود الضمير ليأجوج ومأجوج : قوله - عليه الصلاة والسلام - : " ويفتح ردم يأجوج ومأجوج ، فيخرجون على الناس ، كما قال الله تعالى : { من كل حدب ينسلون … } " الحديث ، ويؤيد إعادتَه على الناس قراءة مجاهد : " من كل جدث " بالجيم ، وهو القبر . ثم قال تعالى : { واقتربَ الوعدُ الحقُّ } أي : ما بعد النفخة الثانية من البعث والحساب ، { فإِذا هي شاخصةٌ } أي : فإذا القصة أو الشأن ، وهو { أبصارُ الذين كفروا } شاخصة ، أي : مرتفعة الأجفان ، لا تكاد تطرق من شدة الهول ، حال كونهم يقولون : { يا ويلنا } يا هلكتنا ، هذا أوانك ، فاحضري ، { قد كُنَّا في غفلةٍ } تامة { من هذا } الذي دهَمنا من البعث ، والرجوع إليه تعالى ، للجزاء ، ولم تعلم ، حيث نُبِّهْنَا عليه بالآيات والنُذر ، أنه حق ، { بل كنا ظالمين } بتلك الآيات والنذر ، مُكذبين بها ، أو ظالمين أنفسنا بتعريضها للعذاب المخلد . وهو إضراب عما قبله ، من وصف أنفسهم بالغفلة ، أي : لم نكن غافلين عنه ، حيث نُبِّهْنَا عليه بالآيات والنذر ، بل كنا ظالمين بتكذيبهم ، والله تعالى أعلم . تذييل : رَوى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أول الآية : الدَّجال ، ونزول عيسى ، ونار تخرج من قرن عدن ، تسوق النار إلى المحشر - أي الشام - تقيل معهم إذا قالوا ، والدُّخان ، والدَّابة ، ثم يأجوج ومأجوج " قلت : وبعد موت يأجوج ومأجوج ، تبقى مدة عيسى عليه السلام ، في أَمَنَةٍ ورَغَدِ عَيْشٍ . قيل : سبع سنين ، وقيل : أربعون . ثم يُقبض عيسى ، ويُدفن في روضته صلى الله عليه وسلم ، ثم تهب ريح تقبض المؤمنين ، فلا يبقى من يقول الله الله ، قيل : مائة سنة ، وقيل : أقل ، ثم تخرب الكعبة ، ثم يُنفخ في الصور للصعق ، واقترب الوعد الحق . والله تعالى أعلم . الإشارة : الحضرة محرمة على قلبٍ خراب ، أهلكه الله بالوساوس والخواطر ، وفتحت عليه من الشواغل والشواغب والخواطر يأجوج ومأجوج ، فأفسدته وخربته وجعلته مزبلة للشياطين . فحرام عليه رجوعه إلى الحضرة حتى يتطهر من هذه الوساوس والخواطر ، ومن الشواغل والعلائق . قال بعض الصوفية : حضرة القدوس محرمة على أهل النفوس . فإذا اقترب وعد الحق ، وهو أجل موته ، قال : يا ويلنا إنا كنا عن هذا غافلين ، لم نتأهب للقاء رب العالمين ، حتى لقيتُه بقلب سقيم . والعياذ بالله . ثمَّ ذكر قال الكفرة إذا وقع الوعد الحق