Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 98-100)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحقّ جلّ جلاله : { إِنكم } ، يا كفار قريش ومن دان دينكم ، { وما تعبدون من دون الله } من الأصنام والشياطين لأنهم ، لطاعتهم لهم واتباعهم خطواتهم ، في حكم عبادتهم ، ويدخل فيه الشمس والقمر والنجوم ، وكل ما عُبد من دون الله ممن لا يعقل ، للحديث الوارد في دخولهم النار ، تبكيتًا لمن عبدهم لأنهم لا يتضررون بالنار . وأما من يعقل فلا يدخل حيث عبَّر بما . وقيل : يدخل ، ثم استثناه بقوله : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى … } ، فكل من عبد شيئًا من دون الله فهو معه ، { حَصَبُ جهنم } أي : حطبها ، وقرئ بالطاء ، أي : وقودها { أنتم لها واردون } أي : فيها داخلون . { لو كان هؤلاء آلهةً } كما زعمتم { ما وردوها } ما دخلوا النار ، { وكلٌّ فيها خالدون } أي : وكل من العابد والمعبود في النار خالدون . { لهم فيها زفير } أي : للكفار في النار أنينٌ وبكاء وعويل ، { وهم فيها لا يسمعون } شيئًا لأن في سماع بعضهم بعضًا نوع أُنس . قال ابن مسعود رضي الله عنه : يُجعلون في توابيت من نار ، ثم جعلت التوابيت في توابيت أُخَر لها مسامير من نار ، فلا يسمعون شيئًا . رُوِيَ أن النبي صلى الله عليه وسلم دَخَلَ المَسْجِدَ الحَرام ، وصَنَادِيدُ قُريشٍ في الحَطِيمِ ، وَحَوْلَ الكَعْبَةِ ثلاثمائة وَسِتونَ صَنَمًا ، فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ ، فَعَرَضَ لَهُ النَّضْرُ بْنُ الحَارِثِ ، فكلَّمهُ النبي صلى الله عليه وسلم حَتَّى أفْحَمَهُ ، ثُمَّ تلا عليه وعليهم : { إِنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم … } الآيات الثلاث . ثم أقْبَلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ الزِبَعْرَى فرآهم يتساهمون ، فقال : فيم خوضكم ؟ فأخفى الوَلِيدُ ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أخبره بعضهم بما قاله ، عليه الصلاة والسلام ، فقال ابن الزبعرى للنبي صلى الله عليه وسلم : أأنت قلت : { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } ؟ قال : نعم ، قال : قد خصمتك ، ورب الكعبة ، أَلَيْست اليَهُودُ تعبد عُزَيرًا ، والنصارى تعبد المَسِيحَ ، وبَنُو مُلَيْحٍ يعبدون الملائكة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " بَلْ هُمْ يَعْبُدُونَ الشياطِينَ الّتي أَمَرَتْهُم بِهذا ، فأنزل الله تعالى : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى … } " . قلت : كل من عَبَدَ شيئًا من دون الله فإنما عَبَدَ في الحقيقة الشيطان لأنه أمر به وزينه له ، ويدل على ذلك أنهم يتبرؤون يوم القيامة ، حين تتحقق الحقائق ، من عبادتهم ، كما قال تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ قَالُواْ سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَآ أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَآءَ } [ الفُرقان : 17 ، 18 ] مع قوله تعالى : { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } [ العَنكبوت : 38 ] . والله تعالى أعلم . الإشارة : من أحب شيئًا حُشر معه ، من أحب أولياء الله حُشر معهم ، ومن أحب الصالحين حُشر معهم ، ومن أحب الفجار حُشر معهم ، ومن أحب الدنيا بُعث معها ، ثم بعث إلى النار ، وهكذا … المرء مع من أحب . ثمَّ استثنى بذكر حال أهل السعادة