Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 12-13)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : قال ابن هشام : وقد يلي حرف التخصيص اسم معلق بفعل ، إما بمضمر ، نحو : " فهَلاَّ بكْراً تُلاعِبُها وتُلاعِبُك " أي : فهلا تزوجت ، أو مؤخراً نحو : لولا إذ سمعتموه قلتم … أي : فهلا قلتم إذ سمعتموه . هـ . وإليه أشار في الخلاصة بقوله : @ وَقَدْ يَلِيهَا اسْمٌ بِفِعْلِ مُضْمَرِ عُلِّقَ أَوْ بِظاَهِرٍ مُؤَخَّرِ @@ يقول الحق جل جلاله : { لولا إذْ سمعتموه } أي : الإفك { ظنَّ المؤمنون والمؤمناتُ بأنفسهم خيراً } بالذين هم منهم لأن المؤمنين كنفس واحدة ، كقوله : { وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ } [ الحجرات : 11 ] أي : هلا ظنوا بإخوانهم خيراً : عَفَافاً وصلاحاً ، وذلك نحو ما يُروى عن عمر رضي الله عنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا قاطع بكذب المنافقين لأن الله تعالى عصمك عن وقوع الذباب على جلدك ، لئلا يقع على النجاسات فَتُلَطَّخَ بها ، فإذا عصمك من ذلك فكيف لا يعصمك من صحبة من تكون ملطخة بهذه الفاحشة ! . وقال عثمان رضي الله عنه : ما أوقع ظلك على الأرض لئلا يضع إنسان قدمه عليه فلَمَّا لم يُمكِّن أحداً من وضع القدم على ظلك ، فكيف يُمكِّن أحداً من تلويث عرض زوجتك ! . وكذا قال عليّ رضي الله عنه : إن جبريل أخبرك أنَّ على نَعْلِك قذراً ، وأمرك بإخراج النعل عن رجلك ، بسبب ما التصق به من القذر ، فكيف لا يأمرك بإخراجها ، على تقدير أن تكون متلطخة بشيء من الفواحش ؟ قال النسفي . وروي أن أبا أيوب الأنصاري قال لامرأته : ألا ترين ما يقال في عائشة ؟ فقالت : لو كُنْتَ بدل صفوان أَكُنْتَ تخُون رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : لا ، قالت : ولو كنتُ أنا بدل عائشة مَا خُنْتُ رسول الله ، فعائشة خير مني ، وصفوان خير منك . وفي رواية ابن إسحاق : قالت زوجة أبي أيوب لأبي أيوب : ألا تسمع ما يقول الناس في عائشة ؟ قال : بلى ، وذلك الكذب . أَكُنْتِ فاعلة ذلك يا أم أيوب ؟ قالت : لا والله ، فقال : عائشة خير منك ، سبحان الله ، هذا بهتان عظيم ، فنزل : { لَّوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ } … الآية . وإنما عدل عن الخطاب إلى الغيبة ، وعن الضمير الظاهر ، ولم يقل : ظننتم بأنفسكم خيراً ، وقلتم ليبالغ في التوبيخ بطرق الالتفات ، وليدل التصريح بلفظ الإيمان على أن المؤمن لا يسيء الظن بأحد من المؤمنين . { وقالوا } عند سماع هذه الفرية : { هذا إفكٌ مبين } كذب ظاهر لا يليق بمنصب الصدّيقة بنت الصدّيق . { لولا جاؤوا عليه بأربعةِ شهداءَ } هلاَّ جاء الخائضون بأربعة شهداء على ما قالوا { فإِذْ لم يأتوا بالشهداءَ } ، ولم يقل : " بهم " لزيادة التقرير ، { فأولئك } الخائضون { عند الله } أي : في حُكمه وشرعه { هم الكاذبون } الكاملون في الكذب ، المستحقون لإطلاق هذا الاسم عليهم دون غيرهم . والله تعالى أعلم . الإشارة : حُسن الظن بعباد الله من أفضل الخصال عند الله ، ولا سيما ما فيه حرمة من حُرَم الله . قال القشيري على الآية : عاتبهم على المبادرة إلى الاعتراض وتَرْكِ الإعراضِ عن حُرمة بيت نبيهم . ثم قال : وسبيلُ المؤمن ألا يستصغر في الوفاق طاعة ، ولا في الخلاف زَلَّةً ، فإِنَّ تعظيمَ الأمْرِ بتعظيم الآمرِ ، وإن الله لينتقم لأوليائه ما لا ينتقم لنفسه ، ولا سيما ما تعلق به حق الرسول - عليه الصلاة والسلام - فذلك أعظم عند الله ، ولذلك بالغ في التوبيخ على ما أقدموا عليه ، مما تأذى به الرسول ، وقلوب آل الصدِّيق ، وقلوب المخلصين من المؤمنين . هـ . ثم قال تعالى : { وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ … }