Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 24, Ayat: 19-20)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { إن الذين يُحبون } يريدون { أن تشيعَ الفاحشةُ } أي : تنتشر الخصلة المفرطة في القبح ، وهو الرمي بالزنا ، أو نفس الزنا ، والمراد بشيوعها : شيوع خبرها ، أي : يحبون شيوعها ويتصدون مع ذلك لإشاعتها . وإنما لم يصرح به اكتفاء بذكر المحبة فإنها مستلزمة له لا محالة ، وهم : عبد الله بن أبيّ وأصحابه ومن تبعهم . { لهم عذابٌ أليم في الدنيا } بالحدّ والفضيحة والتكذيب . ولقد ضرب صلى الله عليه وسلم الحدّ كل من رمى عائشة . وتقدم الخلاف في ابن أُبي ، فقيل : حدَّه ، وقيل : تركه استئلافاً له . { و } لهم العذاب في { الآخرة } بالنار وغيرها ، إن لم يتوبوا . { والله يعلم } جميع الأمور ، التي من جملتها : المحبة المذكورة ، { وأنتم لا تعلمون } ما يعلمه تعالى ، بل إنما يعلمون ما ظهر من الأقوال والأفعال المحسوسة ، فابنوا أمركم على ما تعلمونه ، وعاقبوا في الدنيا على ما تشاهدونه من الأحوال الظاهرة ، والله يتولى السرائر ، فيعاقب في الآخرة على ما تُكنه الصدور . { ولولا فضلُ الله عليكم ورحمتُه } التكرير لتعظيم المِنَّةِ بترك المعاجلة للتنبيه على كَمَالِ عِظَمِ الجريمة ، { وأنَّ الله رؤوف رحيم } عطف على فضل الله ، أي : لولا فضله ورأفته لعاَجلكم بالعقوبة ، وإظهار إسم الجليل لتربية المهابة ، والإشعار باستتباع صفة الأولوهية للرأفة والرحمة ، وتصديره بحرف التأكيد لأن المراد بيان اتصافه تعالى في ذاته بالرأفة التي هي كمال الرحمة وبالرحيمية التي هي المبالغة فيها على الدوام والاستمرار . والله تعالى أعلم . الإشارة : من شأن أهل الُبعد والإنكار : أنهم إذا سمعوا بحدوث نقص أو عيب في أهل النِّسْبَةِ وأهل الخصوصية فرحوا ، وأحبوا أن تشيع الفاحشة فيهم قصداً لغض مرتبتهم حسداً وعناداً ، لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ، ولولا فضل الله ورحمته لعاجلهم بالعقوبة . والله تعالى أعلم وأحلم . ولما نزلت براءة عائشة - رضي الله عنها - حلف أبوها لا ينفق على مسطح شيئاً غضباً لعائشة ، وكان يُنفق عليه لقرابته . فأنزل الله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ … }