Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 6-10)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : إلا أنفسهم : بدل من شهداء ، أو صفة له ، على أن إلا بمعنى غير . و فشهادة : مبتدأ ، والخبر محذوف ، أي : واجبة ، أو : تدرأ عنه العذاب ، أو : خبر عن محذوف ، أي : فالواجب شهادة أحدهم ، وأنَّ ، في الموضعين : مخففة ، وَمَنْ شَدَّدَ فعلى الأصل . والخامسة : مبتدأ و أنَّ غَضَبَ : خبر ، وقرأ حفص بالنصب ، أي : ويشهد الشهادة الخامسة . يقول الحق جل جلاله : { والذين يرمون أزواجهم } أي : يقذفون زوجاتهم بالزنا ، { ولم يكن لهم شهداءُ } أي : لم يكن لهم على تصديق قولهم من يشهد لهم به { إلا أنفسهُمُ } ، جُعِلوا من جملة الشهداء إيذاناً بعدم قبول قولهم بالمرة ، { فشهادةُ أحدهم } أي : فالواجب شهادة أحدهم { أربعُ شهادات بالله } يقول أشهد بالله { إنه لمن الصادقين } فيما رماها به من الزنا . { والخامسةُ أنَّ لعنت الله عليه } أي : إنه لعنة الله عليه ، أي : يقول فيها : لعنة الله عليه { إن كان من الكاذبين } فيما رماها به . فإذا حلف دُرِىءَ عنه العذاب ، أي : دفع عنه الحد ، وَإِنْ نَكَلَ : حُدَّ لقذفها . { ويدرأُ عنها العذابَ } أي : يدفع عنها الحدَّ { أن تشهدَ أربعَ شهاداتٍ بالله إِنه } أي : الزوج { لمن الكاذبين } فيما رماها به من الزنا ، { والخامسة أنَّ غضب الله عليها إن كان } الزوج { من الصادقين } فيما رماها به من الزنا . وذكر الغضب في حق النساء تغليظاً لأن النساء يستعملن اللعن كثيراً ، كما ورد به الحديث : " يُكْثِرْنَ اللعْنَ " ، فربما يجترئن على الإقدام ، لكثرة جري اللعن على ألسنتهن ، وسقوط وقعه عن قلوبهن ، فذكر الغضب في جانبهن ليكون ردعاً لهن . فإذا حلفا معاً فُرق بينهما بمجرد التلاعن ، عند مالك والشافعي ، على سبيل التأبيد ، وقال أبو حنيفة : حتى يحكم القاضي بطلقة بائنة فتحل له بنكاح جديد إذا أكذب نفسه وتاب . رُوي أن آية القذف المتقدمة لَمَّا نزلت قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر ، فقام عاصم بن عدي الأنصاري ، فقال : جعلني الله فداءك ، إن وجد رجل مع امرأته رجلاً ، فأخبر بما رأى ، جُلِدَ ثمانين ، وسماه المسلمون فاسقاً ، ولا تقبل شهادته أيضاً ، فكيف لنا بالشهداء ، ونحن إذا التمسنا الشهداء فرغ الرجلُ من حاجته ، وإن ضربه بالسيف قُتل ؟ اللهم افتح ، وخرج فاستقبله هلالُ بن أمية - وقيل : عُوَيْمِر - فقال : ما وراءك ؟ فقال : الشر ، وجدت على امرأتي خولة - وهي بنت عاصم - شريكَ بن سحماء - فقال عاصم : والله هذا سؤال ما أسرع ما ابتليت به ، فرجعا ، فأخبرا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلم خولة : فأنكرت ، فنزلت هذه الآية ، فتلاعنا في المسجد ، وفرَّق بينهما ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ارقبوا الولد ، إن جاءت به على نعت كذا وكذا ، فما أراه إلا كذب عليها ، وإن جاءت به على نعت كذا ، فما أراه إلا صدق " فجاءت به على النعت المكروه . قال تعالى : { ولولا فضلُ الله عليكم } أي : تفضله عليكم { ورحمتُه } ونعمته { وأنَّ الله تواب حكيم } ، وجواب " لولا " : محذوف لتهويله ، والإشعار بضيق العبارة عن حصره ، كأنه قيل : لولا تفضله تعالى عليكم ورحمته وأنه تعالى مبالغ في قبول التوبة ، حكيم في جميع افعاله وأحكامه ، التي من جملتها : ما شرع لكم من حكم اللعان ، لكان ما كان ، مما لا يحيط به نطاق العبارة ، من حد الزوج مع الفضيحة ، أو قتل المرأة ، أو غير ذلك من العقوبة . قال القشيري : لبقيتم في هذه المعضلة ولم تهتدوا إلى الخروج من هذه الحالة المشكلة . هـ . الإشارة : النفس إذا تحقق فناؤها ، وكمل تهذيبها ، رجعت سراً من أسرار الله ، فلا يحل رميها بنقص لأن سر الله تعالى منزه عن النقائص ، فإن رماها بشيء فليبادر بالرجوع عنه . والله تعالى أعلم . ثم ذكر وبال من رمى أزواج النبي - عليه الصلاة والسلام - في قضية الإفلاء ، فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُوا بِٱلإِفْكِ … }