Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 35-36)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { ولقد آتينا موسى الكتاب } أُنزل عليه جملة ، ومع ذلك كفروا وكذبوا به ، كما قال تعالى : { أَوَلَمْ يَكْفُرُواْ بِمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ مِن قَبْلُ } [ القصص : 48 ] ، فكذلك هؤلاء ، لو نزل جملة ، كما اقترحوا ، لكفروا وكذبوا كما كذَّب أولئك . { وجعلنا معه أخاه هارونَ وزيراً } ، فأخاه : مفعول أول لجعل ، و وزيراً : مفعول ثان ، أي : جعلنا معه أخاه مقوياً ومعيناً . والوزير : من يُرجع إليه ويُتَحَصَّنُ برأيه ، من الوزَر ، وهو الملجأ . والوزارة لا تنافي النبوة فقد كان يُبعث في الزمن الواحد أنبياء ، ويُؤمرون أن يوازر بعضهم بعضاً . أو : يكون وزيراً أول مرة ورسولاً ثانياً . { فقلنا اذهبا إلى القوم الذين كذّبوا بآياتنا } أي : فرعون وقومه . والمراد بالآيات : التسع الظاهرة على يد موسى عليه السلام ، ولم يتصف القوم بالتكذيب عند إرسالها إليهم ضرورة لتأخير تكذيب الآيات عن إظهارها المتأخر عن إرسالها ، بل إنما وُصفوا بذلك عند الحكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بياناً لعلة استحقاقهم ، لما حكي بعده من التدمير . أي : فذهبا إليهم فأرياهم آياتنا كلها ، فكذبوهما تكذيباً مستمراً ، { فدمَّرناهم } إثر ذلك { تدميراً } عجيباً هائلاً ، لا يقادر قدره ، ولا يدرك كنهه . فاقتصر على حاشيتي القصة اكتفاء بما هو المقصود . انظر أبا السعود . الإشارة : أعباء الرسالة والولاية لا تحمل ولا تظهر إلا بمُعين . قال تعالى : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ } [ المائدة : 2 ] ، ولا بد لصاحب الخصوصية من إخوان يستعين بهم على ذكر الله ، ويستظهر بهم على إظهار طريقة الله . فإن وُجد وَليّ لا إخوان له ، ولا أولاد ، فلا يكون إلا غالباً عليه القبض ، مائلاً لجهة الجذب ، فيقل الانتفاع به ، ولا تحصل التوسعة للوَلي إلا بكثرة الأصحاب والإخوان ، يعالجهم ويصبر على جفاهم ، حتى يتسع صدره وتتسع معرفته . وبالله التوفيق . ثمّ سلّى نبيه بما جرى على الأمم قبله ، فقال : { وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ ٱلرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ … }