Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 3-3)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : { واتخذوا } أي : الكفار المدرجون تحت العالمين المنذَرين ، اتخذوا لأنفسهم { من دونه } تعالى { آلهة } أصناماً ، يعبدونها ويستعينون بها ، وهم { لا يَخْلُقُون شيئاً } أي : لا يقدرون على خلق شيء من الأشياء ، { وهم يخْلَقُون } كسائر المخلوقات . والمعنى أنهم آثروا على عبادة من هو منفرد بالألوهية والخلق ، والملك والتقدير ، عباداً عجزة ، لا يقدرون على خلق شيء ، وهم مخلوقون ومصورون . { ولا يملكون لأنفسهم ضَراً ولا نفعاً } أي : لا يستطيعون لأنفسهم دفع ضر عنها ، ولا جلب نفع لها . وهذا بيان لغاية عجزهم وضعفهم فإن بعض المخلوقين ربما يملك دفع ضر وجلب نفع في الجملة ، وهؤلاء لا يقدرون على شيء البتة ، فكيف يملكون نفع مَنْ عبدَهم ، أو ضرر من لم يعبدهم ؟ ! { ولا يملكون موتاً } أي : إماتة { ولا حياةً } أي : إحياء { ولا نشوراً } بعثاً بعد الموت ، أي : لا يقدرون على إماتة حي ، ولا نفخ الروح في ميت ، ولا بعث للحساب والعقاب . والإله يجب أن يكون قادراً على جميع ذلك . وفي إيذان بغاية جهلهم ، وسخافة عقولهم ، كأنهم غير عارفين بانتفاء ما نُفي عن آلهتهم مما ذكر ، مفتقرون إلى التصريح لهم بها . والله تعالى أعلم . الإشارة : كل من ركن إلى غير الله ، أو مال بمحبته إلى شيء سواه ، فقد اتخذ من دونه إلهاً يعبده من دون الله . وكل من رفع حاجته إلى غير مولاه ، فقد خاب مطلبه ومسعاه لأنه تعلق بعاجز ضعيف ، لا يقدر على نفع نفسه ، فكيف ينفع غيره ؟ وفي الحِكَمِ : " لا ترفعن إلى غيره حاجة هو موردها عليك ، فكيف ترفع إلى غيره ما كان هو له واضعاً ؟ ! من لا يستطيع أن يرفع حاجته عن نفسه ، فكيف يكون لها عن غيره رافعاً ؟ " . قال بعض الحكماء : من اعتمد على غير الله فهو في غرور لأن الغرور ما لا يدوم ، ولا يدوم شيء سواه ، وهو الدائم القديم ، لم يزل ولا يزال ، وعطاؤه وفضله دائمان ، فلا تعتمد إلا على من يدوم عليك منه الفضل والعطاء ، في كل نفس وحين وأوان وزمان . هـ . وقال وهب بن منبه : أوحى الله تعالى إلى داود : يا داود أما وعزتي وجلالي وعظمتي لا ينتصر بي عبد من عبادي دُون خلقي ، أعلم ذلك من نيته ، فتكيده السموات السبع ومن فيهن ، والأرضون السبع ومن فيهن ، وإلا جعلت له منهن فرجاً ومخرجاً . أما وعزتي وجلالي لا يعتصم عبد من عبادي بمخلوق دوني ، أعلم ذلك من نيته ، إلا قطعت أسباب السموات من يده ، وأسخت الأرض من تحته ، ولا أبالي في وادٍ هلك . هـ . وبالله التوفيق . ولما ذكر شأن الفرقان ، ذكر من طعن فيه وفيمن نزل عليه ، فقال : { وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ … }