Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 57-57)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : رزقاً : حال من الثمرات لتخصيصه بالإضافة ، أو مصدر لتجبى لأن معناه : نرزق ، أو : مفعول له . يقول الحق جل جلاله : { وقالوا } أي : كفار قريش { إن نتبع الهُدَى } وندخل { معك } في هذا الدين { نُتَخَطّفُ من أرضنا } أي : تخطفنا العرب وتُخرجنا من أرضنا . نزلت في الحارث بن عثمان بن نوفل ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : نحن نعلم أنك على الحق ، ولكنا نخاف ، إن اتبعناك وخالفنا العرب ، وإنما نحن أكَلَةُ رأس ، أَنْ يتخطفونا من أرضنا ، فردّ الله عليهم بقوله : { أوَ لَمْ نُمكِّنْ لهم حَرَماً آمناً } أَوَ لَمْ نجعل مكانهم حرماً ذا آمن بحرمة البيت ، يأمن فيه قُطانه ، ومن التجأ إليه من غيرهم فَأَنَّى يستقيم أن نعرضهم للتخطف ، ونسلبهم الأمن ، إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة الإسلام ؟ . { تُجْبَى إليه } ، أي : تُجمع وتُجلب إليه من كل أَوْب ، { ثمراتُ كل شيء } أي : كل صنف ونوع . ومعنى الكُلِّيَّةِ : الكثرة كقوله : { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } [ النمل : 23 ] ، { رزقاً من لدُنَّا } ، ونعمة من عندنا ، وإذا كان حالهم ، وهم عبدة الأصنام ، فكيف إذا أووا إلى كهف الإسلام ، وتدرعوا بلباس التوحيد ؟ { ولكن أكثرهم لا يعلمون } أي : جهلة ، لا يتفطنون ولا يتفكرون حتى يعلموا أنه لا يهملهم من حفظه ورعايته ، إن أسلموا . وقيل : يتعلق بقوله : { من لدُنَّا } ، أي : قليل منهم يتدبرون ، فيعلمون أن ذلك رزق من عند الله وأكثرهم جهلة لا يعلمون ذلك ولو علموا أنه من عند الله لعلموا أن الخوف والأمن من عند الله ، ولَمَا خافوا التخطف إذا آمنوا به . والله تعالى أعلم . الإشارة : ترى كثيراً من الناس ، ممن أراد الله حرمانه من الخصوصية ، يتعلل بهذه العلل الواهية ، يقول : إن دخلنا في طريق القوم رفضَنا الناس ، وأنكر علينا أقاربنا ، ونخاف الضيعة على أولادنا . يقول تعالى لهم : أو لم أُمَكِّن لأوليائي ، المتوجهين إلى حَضْرَةِ القدس ، حرماً آمناً تُجبى لأهلها الأرزاق من كل جانب ، بلا حرص ولا طمع ولا سبب ، ولكن أكثر الناس جهالاً بهذا ، وقفوا مع العوائد ، فحُرموا الفوائد ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . ثم خوّفهم بقوله : { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ … }