Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 4-7)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { أَمْ حَسِبَ الذين يعملون السيئات } أي : الشرك والمعاصي وإذاية المسلمين ، { أن يسبقونا } أي : يفوتونا ، بل يلحقهم الجزاء لا محالة . و " أم " : منقطعة ، ومعنى الإضراب فيها : أن هذا الحسبان أَبْطَلُ من الحسبان الأول ، لأن ذلك يظن أنه لا يُمْتَحَنُ لإيمانه ، وهذا يظن أنه لا يُجَازَى بمساوئه ، وشبهته أضعف ، ولذلك عقّبه بقوله : { ساءَ ما يحكمون } ، أي : بئس ما يحكمون به حكمهم في صفات الله أنه مسبوق ، وهو القادر على كل شيء ، فالمخصوص محذوف . ثم ذكر الحامل على الصبر عند الإمتحان ، وهو رجاء لقاء الحبيب ، فقال : { من كان يرجو لقاء الله } أي : يأمل ثوابه ، أو يخاف حسابه ، أو ينتظر رؤيته ، { فَإِنَّ أَجَلَ الله } المضروب للغاية { لآتٍ } لا محالة . وهو تبشير بأن اللقاء حاصل لأنه لأجل آت ، وكل آت قريب . وكل غاية لها انقضاء ، فليبادر للعمل الصالح الذي يصدق رجاءه ويحقق أمله . { وهو السميعُ } لما يقوله عباده ، { العليمُ } بما يفعلونه ، فلا يفوته شيء . { ومن جاهَدَ } نفسه ، بالصبر على مشاق الطاعات ، ورفض الشهوات ، وإذاية المخلوقات ، وَحَبَسَ النفس على مراقبة الحق في الأنفاس واللحظات ، { فإِنما يُجاهدُ لنفسه } لأن منفعة ذلك لها ، { إن الله لغنيٌ عن العالمين } وعن طاعاتهم ومجاهدتهم . وإنما أمر ونهي رحمة لهم ، ومراعاة لصلاحهم . { والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفّرنَّ عنهم سيئاتهم } أي : الشرك والمعاصي بالإيمان والتوبة ، { ولنجزينهم } مع غنانا عنهم ، { أحسنَ الذين كانوا يعملون } أي : أحسن جزاء أعمالهم بالفضل والكرم . والله تعالى أعلم . الإشارة : أم حسب الذين يُنكرون على أوليائي ، المنتسبين إليّ ، أن يسبقونا ؟ بل لا بد أن نعاقبهم في الدنيا والآخرة ، إما في الظاهر بمصيبة تنزل بهم ، أو في الباطن ، وهو أقبح ، كقساوة في قلوبهم ، أو : كسل في بدنهم ، أو : شك في يقينهم ، أو : بُعد من ربهم ، فإن من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب . ثم بشّر المتوجهين الذين يؤذَون في جانبه ، بأن لقاءه حاصل لهم إن صبروا ، وهو الوصول إلى حضرته ، والتنعم بقربه ومشاهدته ، جزاء على صبرهم ومجاهدتهم ، وهو الغَنِي بالإطلاق . ثم حذّر من طاعة من يرد عن التوحيد والاخلاص ، فقال : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً … }