Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 176-177)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : حَزَنَ يحزُن كبلغ يبلُغ ، وأحزن يُحْزِن ، كأَكْرم يكرم ، لغتان ، والأولى أفصح . يقول الحقّ جلّ جلاله : ولا يهولك شأن { الذين يسارعون في الكفر } أي : يبادرون إلى الوقوع فيه ، كالمنافقين او الكفار جميعاً ، فلا تخف ضررهم { إنهم لن يضروا الله شيئاً } أي : لن يضروا أولياء الله ، وإنما يرجع ضررهم إلى انفسهم . { يريد الله } - بسبب ما أظهر فيهم من المسارعة إلى الكفر - { ألاَّ يجعل لهم حظّاً في } ثواب { الآخرة } لِمَا سبق لهم من الشقاء ، حتى يموتوا على الكفر . وفي ذكر الإرادة إشعار بأن كفرهم بلغ الغاية ، حتى أراد أرحم الراحمين ألاَّ يكون لهم حظ من رحمته . { ولهم } مع ذلك { عذاب عظيم } . ثم كرّر شأنهم تأكيد فقال : { إن الذين اشتروا الكر بالإيمان } أي : استبدلوا الإيمان الذي ينجيهم من العذاب ، لو دخلوا فيه ، بالكفر الذي يُوجب العذاب ، { لن يضروا الله ولهم عذاب أليم } موجع ، أو يكون في الكفار أصالة ، وهذا في المرتدين ، والله تعالى أعلم . الإشارة : إنكار العوام على الخصوص لا يضرهم ، ولا يغض من مرتبتهم ، بل يزيدهم رفعةً وعلواً وعزّاً وقرباً ، قال تعالى : { لاَ تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } [ النُّور : 11 ] ، وسَمِعتُ شيخنا البوزيدي رضي الله عنه يقول : " كلامُ الناس في الولي كناموسة نفخت على جبل " . أي : لا يلحقهم من ذلك إلا ما يلحق الجبل من نفخ الناموسة ، يريد الله ألا يجعل لهم من نصيب القرب شيئاً ، ولهم عذاب البعد والنصب ، في غم الحجاب وسوء الحساب ، لا سيما من تمكن من معرفتهم ، ثم استبدل صحبتهم بصحبة العوام ، فلا تسأل عن حرمانه التام ، والعياذ بالله .