Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 98-99)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { تبغونها } : جملة حالية من الواو ، أي : لِمَ تصدون عن السبيل باغين لها عوجاً . والعوج - بالكسر - في الدين والقول والعمل - ، وبالفتح - في الجدار والحائط وكل شخص قائم . يقول الحقّ جلّ جلاله : { قل } يا محمد في عتابك لليهود : { يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله } السمعية والعقلية الدالة على صدق نبيه صلى الله عليه وسلم فيما يدعوكم إليه من الإسلام ؟ { والله شهيد على ما تعملون } مطلع على سرها وجهرها ، فيجازيكم عليها ، فلا ينفعكم التحريفُ ولا الإسرار . { يا أهل الكتاب لما تصدون } عن طريق الله { من آمن } بها ، وتبع من جاء بها ، { تبغونها عوجاً } أي : طالبين لها اعوجاجاً ، بأن تلبسوا على الناس ، وتُوهموا أن فيها عوجاً عن الحق ، بزعمكم أن التوراة لا تُنْسخ ، وبتغيير صفة الرسول - عليه الصلاة والسلام ، أو بأن تحرشوا بين المسلمين لتختلف كلمتهم ، ويختل أمر دينهم ، وأنتم شهداء على أنها حق ، وأن الصد عنها ضلال ، أو : وأنتم عُدول عند أهل ملتكم ، يثقون بأقوالكم ، ويستشهدونكم في القضايا ، { وما الله بغافل عما تعملون } فلا بد ان يجازيكم على أعمالكم ، فإتنه يمهل ولا يهمل . كرَّر الخطاب والاستفهام مرتين مبالغة في التقريع ونفي العذر ، وإشعاراً بأن كل واحد من الأمرين مُسْتَبح في نفسه ، مستقل باستجلاب العذاب . ولمَّا كان المنكَر عليهم في الآية الأولى : كفرهم ، وهم يجهرون به ، ختم بقوله : { والله شهيد على ما تعملون } ، ولمَّا كان هذه الآية : صدهم المؤمنين عن الإسلام ، وكانوا يخفونه ويحتالون فيه ، قال : { وما الله بغافل عما تعملون } . قاله البيضاوي . الإشارة : كل من جحد وجود الخصوصية عند أهلها ، وصد القاصدين للدخول فيها ، استحق هذا العتاب بلا شك ولا ارتياب . والله تعالى أعلم .