Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 11-16)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جل جلاله : { الله يَبدأُ الخلقَ } ينشئهم ، { ثم يُعيده } يحييهم بعد الموت ، { ثم إليه تُرْجَعونَ } للجزاء بالثواب والعقاب . والالتفات إلى الخطاب للمبالغة في إثباته . وقرأ أبو عمرو وسهل وروح : بالغيب ، على الأصل . { ويوم تقوم الساعة يُبْلِسُ } : ييأس ويتحير { المجرمون } المشركون يُقال : ناظرته فأبلس ، أي : أُفْحِمَ وأَيِسَ من الحجة ، أو : يسكتون متحيرين ، { ولم يكنُ لهم من شركائهم } التي عبدوها من دون الله { شفعاء } يشفعون لهم ويجيرونهم من النار ، { وكانوا بشركائهم كافرين } جاحدين لها ، متبرئين من عبادتها ، حين أيسوا من نفعها . أو : كانوا في الدنيا كافرين بسبب عبادتها . { ويوم تقوم الساعةُ يومئذٍ يتفرقون } أي : المسلمون والكافرون ، بدليل قوله : { فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضةٍ } ، أي : بستان ذي أزهار وأنهار ، وهي الجنة . والتنكيرلإبهام أمرها وتفخيمه ، { يُحْبَرون } : يُسرّون ، يقال : حبره ، إذا سرّه سروراً تهلّل به وجهه ، وظهر فيه أثره . ووجوه المسار كثيرة ، فقيل : يُكرمون ، وقيل : يُحلّون . وقيل : هو السماع في الجنة . قاله غير واحد . قال أبو الدرداء : كان عليه الصلاة والسلام يذكَّر الناس بنعيم الجنان فقيل : يا رسول الله هل في الجنة من سماع ؟ قال : " نعم ، إنَّ فِي الجنْة لنَهَراً حَافَتاهُ الأبْكَار مِنْ كُل بَيْضَاءَ خَمْصانة ، يَتَغَنيْنَ بأصْواتٍ لَمْ تَسْمَعِ الخلائِقُ بمِثْلها قَطُّ ، فَذلك أفْضَلُ نعيم أهل الجنَّة " قال الرواي : فسألت أبا الدرداء : بم يتغنين ؟ قال : بالتسبيح إن شاء الله . والخمصانة : المرهفة الأعلى ، الضخمة الأسفل . هـ . انظر الثعلبي . وذكر غيره أن هذا السماع يكون في نُزْهَةٍ تكون لأهل الجنة على شاطئ هذا النهر ، وقد ذكرناها في شرحنا الكبير على الفاتحة . { وأما الذين كفروا وكذّبوا بآياتنا ولقاءِ الآخرة } بالبعث { فأولئك في العذاب مُحضرون } : مقيمون ، لا يغيبون عنه . عائذاً بالله من غضبه . الإشارة : من اعتمد على غير الله ، أو ركن إلى شيء سواه ، فهو مجرم عند الخصوص ، وذلك الشيء الذي ركن إليه صنم في حقه ، يتبرأ منه يوم القيامة ، ويُبلس من نفعه ، { يوم تقوم الساعة يُبلس المجرمون } : الآية . { ويوم تقوم الساعة يومئذٍ يتفرقون } فريقٌ هم أهل الوصلة ، وفريق هم أهل القطعة ، فريق في المنة ، وفريق في المحنة ، فريق في السرور ، وفريق في الثبور ، فريقٌ في الثواب ، وفريق في العقاب ، فريق في الفراق ، وفريق في التلاق . قال القشيري : وإذا كان الأمر هكذا ، فَجِدَّ ، أيها المؤمن ، في طاعة مولاك ، وأَكْثِرْ من ذكره ، صباحاً ومساء ، وليلاً ونهارا لتنال ذلك الوعد ، وَتَنْجَو من الوعيد . ثم أبان ذلك بقوله : { فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ … }