Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 43-45)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جل جلاله : { فأقمْ وجهَكَ } أي : قوّمه وَوَجّهّه { للدين القَيِّم } البليغ في الاستقامة ، الذي لا يتأتى فيه عوج ولا خلل . وفيه ، من البديع ، جناس الاشتقاق . والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأمتُه تبع ، أو : لكل سامع . { من قبل أن يأتي يومٌ } وهو البعث ، { لا مَرَدَّ له } أي : لا يقدر أحد على رده ، { من الله } : متعلّق بيأتي ، اي : من قبل ان يأتي من الله يوم لا يردّه أحد ، أو بمرد لأنه مصدر ، أي : لا مرد له من جهة الله ، بعد أن يجيء لتعلق الإرادة به حينئذٍ . { يومئذ يَصَّدَّعُونَ } يتصدّعون ، فأدغم التاء في الصاد . وفي الصحاح : الصدع : الشق ، يقال صدعته فانصدع ، أي : انشق . وتصدّع القوم : تفرقوا . هـ . أي : يفترقون فريق في الجنة وفريق في السعير . ثم أشار إلى غِنَاهُ عنهم ، فقال : { من كَفَرَ فعليه كفرُهُ } وبال كفره ، لا يحمله عنه غيره . { ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يَمْهَدُون } أي : يسوون لأنفسهم في قبورهم ، أو : في الجنة ما يسوي لنفسه الذي يمهد فراشه ويُوطئه لئلا يصيبه في مَضْجَعِهِ ما ينغص عليه مَضْجَعَهُ . وتقديم الظرف في الموضعين للاختصاص ، أي : فلا يجاوز عمل أحد لغيره . ثم علل ما أمر به من التأهب ، فقال : { ليجزيَ الذين آمنوا وعملوا الصاحات } ، أظهر في موضع الإضمار ، أي : ليجزيهم ، ليدل عى أنه لا ينال هذا الجزاءَ الجميلَ إلا المؤمن ، لصلاح عمله . أثابه ذلك { من فضله } أي : بِمَحْضِ تفضله ، إذ لا يجب عليه شيء ، { إنه لا يُحب الكافرين } ، بل يبغضهم ويمقتهم ، وفيه إيماء إلى أنه يحب المؤمنين ، وهو كذلك ، ولا سيما المتوجهين . الإشارة : أمر الحق تعالى بالتوجه إليه ، والتمسك بالطريق التي تُوصل إليه ، قبل قيام الساعة لأن هذه الدار هي مزرعة لتلك الدار ، فمن سار إليه هنا وعرفه عرفه في الآخرة ، ومن قعد هنا مع هواه ، حتى مات جاهلاً به ، بُعِثَ كذلك ، كما هو معلوم . ولا يمكن التوجه والظفر بالطريق الموصلة إليه تعالى إلا بشيخ كامل سلك الطريق وعرفها . ومن رام الوصول بنفسه ، أو بعلمه ، أو بعقله انقطع لا محالة . قال القشيري : { فأقم وجهك للدين القيّم } : أَخْلِص قصْدَك ، وصِدْقَ عَزْمِكَ ، بالموافقة للدين القيِّم ، بالاتباع دون الاستبداد بالأمر على وجه الابتداع . ومَنْ لم يتأدب بمَنْ هو إمامُ وقته ، ولم يتلقف الأذكار ممن هو لسان وقته ، كان خُسْرانُه أتَمَّ من ربْحه ، ونقصانُه أَعَمَّ من نفعه . هـ . ثم ذكر دلائل القدرة على البعث وغيره ، فقال : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ … }