Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 37-38)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : جمع التكسير يُذكّر ويؤنث للعقلاء وغيرهم ، ولذلك قال : { بالتي } . و { زلفى } : مفعول مطلق ، أي : وما جماعة أموالكم ولا جماعة أولادكم ، و { إلا من آمن } : مستثنى من الكاف في " تُقربكم " ، متصل ، وقيل : منقطع . و { من } : شرط ، جوابه : { فأولئك } . وعلى الاتصال فـ " مَن " منصوبة بتُقرب . يقول الحق جلّ جلاله : { وما أموالُكم ولا أولادُكم بالتي تٌقربكم عندنا زلفى } أي : قُربة ، { إِلا مَن آمن وعمل صالحاً } يعني أن الآمال لا تُقرب أحداً إلا المؤمن الصالح ، الذي يُنفقها في سبيل الله . والأولاد لا تُقرب أحداً من الله إلا مَن علَّمهم الخير ، وفقَّههم في الدين ، وأرشدهم للصلاح والطاعة ، فإنَّ علمهم يجري عليه بعد موته لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عملُهُ إلا من ثلاثٍ : صدقةٍ جاريةٍ ، وعلمٍ بثه في صدور الرجال ، وولدٍ صالح يدعو له بعد موته " . { فأولئك لهم جزاءُ الضِّعْفِ } أي : تضاعف لهم حسناتهم ، الواحدة عشراً إلى سبعمائة ، على قدر النية والإخلاص . وهو من إضافة المصدر إلى المفعول . والأصل : يجازون الضعفَ ، ثم جزاءٌ الضعفَ ، ثم أضيف . وقرأ يعقوب بالنصب على التمييز ، أي : فأولئك لهم الضعف لأعمالهم جزاءُ { بما عَمِلُوا } أي : بأعمالهم { وهم في الغرفاتِ آمنون } أي : في غرفات الجنان آمنون من كل هائل وشاغل . وقرأ حمزة : " في الغرفة " إرادة الجنس . { والذين يَسْعَون في آياتنا } في إبطالها ، بالرد والطعن { مُعَاجِزين } مغالبين لأنبيائنا ، أو : سابقين ، ظانين أنهم يفوتوننا ، { أُولئك في العذاب مُحْضَرُون } يحضرونه فيحيط بهم . الإشارة : الأموال والأولاد لا تُقرب ولا تُبعده ، إنما يقربه سابق العناية ، ويبدعه سابق الشقاء ، فمَن العناية قرّبته أمواله ، بإنفاق المال في سبيل الله ، وإرشاد الأولاد إلى طاعة الله ، ومَن سبق له الشقاء صرف أمواله في الهوى ، وأولادَه في جمع الدنيا . قال القشيري : لا تستحقّ الزّلفى عند الله بالمال ، ولا بالأولاد ، ولكن بالأعمال الصالحة الخالصة ، والأحوال الصافية ، والأنفس الزاكية ، بل بالعناية السابقة ، والهداية اللاحقة ، والرعاية الصادقة . هـ . وقال في قوله : { والذين يسعون في آياتنا معاجزين } : هم الذين لا يحترمون الأولياء ، ولا يراعون حقَّ الله في السِّر ، فهم في عذاب الاعتراض على أولياء الله ، وعذاب الوقوع بشؤم ذلك في ارتكاب محارم الله ، ثم في عذاب السقوط من عين الله تعالى . هـ . ثم حض على الصدقة فقال : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ … }