Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 30-32)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : { كم أهلكنا } معلّقة ليَرَوُا عن المفعولين . و { أنهم } : بدل من { كم } ، والتقدير : ألم يَرَوا كثرة إهلاكنا قبلهم من القرون كونهم غير راجعين إليهم . و { وإِن كُلٌّ لمَّا جميع } : من قرأ " لما " بالتخفيف ، فإن : مخففة ، واللام : فارقة ، و " ما " مزيدة ، أي : وإنه ، أي : الأمر والشأن لَجميعٌ محضرون عندنا . ومَن قرأها بالتشديد فإِنْ : نافية ، و " لَمَّا " : بمعنى إلا ، أي : ما كُلهم إلا مجموعون ومُحضرون للحساب . يقول الحق جلّ جلاله : { يا حسرةً على العبادِ } تعالى ، فهذا أوان حضورك . ثم بيّن لأي شيء كانت الحسرة عليهم ، فقال : { ما يأتيهم من رسولٍ } من عند الله { إِلا كانوا به يستهزئون } فإن المستهزئين بالناصحين المخلصين ، المنوط بنصحهم خير الدارين ، أحقّاء بأن يتحسَّروا ، ويتحسَّر عليهم المتحسِّرون ، ويتلهَّف المتلهِّفون . أو : هم مُتَحَسّر عليهم من جهة الملائكة والمؤمنين من الثقلين . { أَلم يَرَوا كم أهلكنا قَبْلَهم من القُرونِ } أي : ألم يعلموا كثرة إهلاكنا قبلهم من القرون الماضية ، { أَنهم إِليهم لا يَرجِعُونَ } أي : كونهم غير راجعين إليهم أبداً حتى يلحقوا بهم ، ففيهم عبرة وموعظة لمَن يتعظ . { وإِن كلٌّ لما جميعٌ لدينا مُحْضَرُون } أي : وإن كلهم مجموعون محضرون للحساب ، أو معذَّبون . وإنما أخبر عن " كل " بجميع لأن " كل " تفيد معنى الإحاطة . والجميع : فعيل ، بمعنى مفعول ، ومعناه : الاجتماع ، والمعنى : أن المحشر يجمعهم ، فكلهم مجموعون مُحضرون للحساب . الإشارة : يا حسرةً على العباد ، ما يأتيهم من داع يدعو إلى الله ، على طريق التربية الكاملة ، إلا كانوا به يستهزئون . ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون ، ماتوا على الغفلة والحجاب ، وكلهم محضرون للعتاب والحساب ، ماتوا محجوبين ، ويبعثون محجوبين لإنكارهم في الدنيا مَن يرفع عنهم الحجاب ، ويفتح لهم الباب ، وهم شيوخ التربية ، الموجودون في كل زمان . أو : يا حسرةً على المتوجهين ، ما يأتيهم من وارد على قلوبهم إلا كانوا به يستهزئون ، ولو فهموا عن الله لعملوا بما يرد على قلوبهم الصافية . ثم ذكر دلائل قدرته على البعث والإحضار فقال : { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ … }