Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 22-34)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول الحق جلّ جلاله للملائكة يوم القيامة : { احْشُرُوا الذين ظلموا } أي : اجمعوا الذين كفروا { وأزواجَهم } وأَشباهَهم ، فيُحشر عابد الصنم مع عبدة الأصنام ، وعابد الكواكب مع عبدتها . أو : نساءهم الكافرات ، أو : قرناءهم من الشياطين . و " الواو " بمعنى " مع " ، أو : عاطفة . { وما كانوا يعبدون من دون الله } أي : الأصنام ، اجمعوها معهم ، { فاهْدُوهم إلى صراطِ الجحيم } أي : دُلوهم على طريقها ، وعرّفوهم بها . وعن الأصمعي : يقال : هديته في الدين هُدى ، وهديته الطريق هداية . { وقِفُوهُم } : احبسوهم { إِنهم مسؤولون } عن أقوالهم وأفعالهم وعقائدهم ، { ما لكم لا تَنَاصَرُون } لا ينصر بعضكم بعضاً . وهذا توبيخ لهم بالعجز عن التناصر ، بعدما كانوا يتناصرون في الدنيا ، أو : استهزاء بهم . وقيل : هو جواب لأبي جهل ، حيث قال يوم بدر : { نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } [ القمر : 44 ] ، وجملة النفي : حال ، أي : ما لكم غير متناصرين ، { بل هم اليوم مسْتَسْلِمون } منقادون لِما يُراد بهم لعجزهم وانْسِدَادِ أبواب الحيل عليهم ، أو : قد أسلم بعضهم بعضاً وخذله . { وأقْبَل بعضُهم على بعضٍ } أي : التابع على المتبوع { يتساءلون } يتخاصمون ، ويسأل بعضهم بعضاً سؤال توبيخ وتسخُّط ، { قالوا } أي : الأتباع للمتبوعين : { إِنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } أي : تصدوننا عن الحق والإيمان ، قاله الحسن . وبيانه : أن العرب كانت تتيمّن بالسانح عن اليمين من الطير ، ويناسبه ما ذكره ابن عطية في جملة التأويلات بقوله : ومنها : أن يريد باليمين اليمْن ، أي : تأتوننا من جهة النصائح ، والعمل الذي يتيمّن به . هـ . قلت : والأحسن : أن يقدر معلق الجار ، أي : تأتوننا وتصرفوننا عن طريق أهل اليمين . { قالوا } أي : الرؤساء : { بل لم تكونوا مؤمنين } أي : بل أنتم أبيتم الإيمان ، وأعرضتم عنه مع تمكُّنكم منه ، مختارين للكفر ، غير ملجئين إليه ، أو : بل أنتم سبقت منكم الضلالة على إغوائنا ، وإنما نشأ عن إغوائنا دوام كُفركم لا استئنافه . { وما كان لنا عليكم من سلطانٍ } وقهر ، نسلبكم به تمكُّنكم واختياركم ، { بل كنتم قوماً طاغين } أي : بل كنتم قوماً مختارين للطغيان ، { فحقَّ علينا } أي : لزمنا جميعاً { قولُ ربِّنا إِنا لذائقون } يعني : حقت علينا كلمتُه بأنا ذائقون لعذابه . ولو حكى الوعيد على ما هو لقال : إنكم لذائقون ، لكنه عدل به إلى لفظ المتكلم لأنهم يتكلّمون بذلك على أنفسهم . ثم قالوا لضعفائهم : { فأغويناكم } فدعوناكم إلى الغي { إِنا كنا غَاوِينَ } فأردنا إغواءكم لتكونوا مثلنا ، { فإِنهم } أي : الأتباع والمتبوعين جميعاً ، { في العذاب يومئذٍ مشترِكون } كما كانوا مشتركين في الغواية . { إِنا كذلك نفعل بالمجرمين } المشركين ، أي : مثل ذلك الفعل نفعل بكل مجرم . الإشارة : ويقال على طريق العكس : احْشُروا الذين أحسنوا واتقوا ربهم ، وأزواجهم ، ومَن انتسب إليهم ، فاهدوهم إلى طريق الجنان ، وقِفوهم يشفعوا فيمن تعلّق بهم ، إنهم مسؤولون عن أصحابهم وعشائرهم ، حتى يخلصوهم من ورطة الحساب . ما لكم لا تناصرون ، فينصر بعضكم بعضاً في هذا الموطن الهائل ، بل هم اليوم منقادون لأمر الله ، حتى يأذن لهم في الشفاعة . وفي الحديث : " اتَّخِذُوا يداً عند الفقراءِ ، فإن لهم دَوْلَة يومَ القيامة " ودولتهم : الشفاعة فيمن أحبهم وأحسن إليهم . والفقراء هم المتوجهون إلى الله تعالى ، حتى وصلوا إلى حضرته ، ومَن صَدّ الناسَ عن طريقه وصحبتهم ، يتعلّق به المخذول عنهم ، فيقول له : { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ … } الآية .