Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 35-39)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول الحق جلّ جلاله : { إِنهم } أي : المشركين { كانوا إِذا قيلَ لهم لا إِله إِلا الله } هو أعم من إذا قيل لهم : قولوها ، أو : ذكرت بمحضرهم ، { يستكبرون } أي : يتعاظمون عن قولها ، أي : كانوا في الدنيا إذا سمعوا كلمة التوحيد استكبروا عنها ، وأَبَوا إلا الشرك ، { ويقولون أئِنَّا لَتَارِكوا آلهتَنا لشاعرٍ مجنونٍ } يعنون نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم ، { بل جاء بالحق وصَدَّقَ المرسلين } لكونه مصدِّقاً لما بين يديه من الرسل . وهو ردٌّ عليهم بأن ما جاء به الحق من التوحيد قد قام عليه البرهان ، وتطابق عليه المرسلون . فقوله تعالى : { بل جاء بالحق } مقابل لقولهم : " شاعر " لأن الشاعر في الغالب كَذُوبٌ ، وتصديق المرسلين في مقابلة مجنون لأنه لا يكون إلا من العاقل . قال تعالى لهم : { إِنكم لَذائِقو العذابِ الأليم } بالإشراك وتكذيب الرسول { وما تُجْزَون إِلا ما كنتم تعملون } إلا مثل ما عملتم بلا زيادة ولا نقصان ، فعذبتم ، على الكفر والتكذيب ، وخلدتم ، على نيتكم الدوام عليه . الإشارة : ينبغي للمؤمن إذا سمع كلمة التوحيد ، وهي " لا إله إلا الله " أن يخشع قلبه ، وتهتز جوارحه ، فرحاً بها ، ويخضع لمَن جاء بها ، ودلَّ عليها ، حتى يُدخله في بحار معانيها ، وهو التوحيد الخاص ، أعني : توحيد أهل العيان ، وهم خلفاء الرسول صلى الله عليه وسلم في التربية النبوية . قال القشيري : { … كانوا إِذا قيل لهم لا إِله إِلا الله يستكبرون … } الخ . احتجابُهم بقلوبهم أوقعهمْ في وهْدة عذابهم ، وذلك أنهم استكبروا عن الإقرار بربوبيته ، ولو عرفوا لافتخروا بعبوديته قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } [ الأعراف : 206 ] وقال : { لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للهِ … } [ النساء : 173 ] ، فمَن عرف الله فلا لذة له إلا في طاعته وعبوديته ، قال قائلهم : @ ويظهرُ في الورى عزُّ الموالي فيلزمني له ذُلُّ العبيد @@ ولمَّا لم يحتشموا من وصفه سبحانه بما لا يليق بجلاله ، لم يُبالوا بها أطلقوا من المثالب في جانب أنبيائه . هـ . ثم استثنى المخلصين ، فقال : { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ … }