Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 49-54)
Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قلت : { جناتِ } : عطف بيان لحُسن مآب ، أو : بدل . و { مفتَّحة } : حال من { جنات عدن } . والعامل فيها : الاستقرار في { للمتقين } . و { الأبواب } : نائب الفاعل لمُفتَّحة . والرابط بين الحال وصاحبها : إما ضمير مقدّر ، كما هو رأي البصريين ، أي : الأبواب منها ، أو : الألف واللام القائم مقامه ، كما هو رأي الكوفيين ، أي : أبوابها . و { متكئين } : حال من ضمير { لهم } ، والعامل فيه : { مفتحة } . و { يَدْعُون } : إما استئناف ، أو : حال مما ذكر ، أو : من ضمير { متكئين } . يقول الحق جلّ جلاله : { هذا } أي : هذا الذي ذكر من الآيات الناطقة بمحاسن الأنبياء والرسل ، { ذِكْرٌ } أي : شَرَفٌ لهم ، وذِكْر جميل يُذكرون به أبداً ، أو : نوع من الذكر ، أي : القرآن . وآيٌ منه مشتمل على أنباء الأنبياء ، أو : تذكير ووعظ لأنه يذكر أحوال الأكابر ليقتدي بهم ، أو : ذكر مَن مضى الأنبياء ، أو : شرف لك لأنه معجزة لك يدلّ على صدقك ، { وإِنَّ للمتقين } أي : جنس المتقين ، أو : مَن ذكر مِن الرسل ، عبّر عنهم بالمتقين مدحاً لهم بالتقوى إذ هي غاية الكمال . { لَحسنْ مآبٍ } مرجع . ثم بيَّنه بقوله : { جنات عدنٍ } إقامة { مفتحةً لهم الأبوابُ } فإذا جاؤوها لا يلحقهم ذلّ الحجاب ، ولا كلفة الاستئذان ، تستقبلهم الملائكة بالتبجيل والترحيب ، { متكئينَ فيها } على أرائكهم في حِجالهم ، { يَدْعُون فيها بفاكهةٍ كثيرة } مما يشتهون { وشرابٍ } كثير كذلك ، حذف اكتفاء بالأول ، والاقتصار على دُعاء الفاكهة للإيذان بأن مطاعمهم لمحض التفكُّه والتلذُّذ ، دون التغذي والحاجة ، فإنه لا تَحلُل في الأبدان ولا حاجة . { وعندهم } حور { قاصِراتُ الطَّرْفِ } على أزواجهن ، لا ينظرن إلى غيرهم ، { أترابٌ } لِداتٌ ، أسنانُهنّ كأسنانهم . قيل : ثلاث وثلاثون سنة لكل واحد ، أو : مستويات في الحُسن والجمال والشكل لأن التحابّ بين الأقران أبلغ وأثبت ، وقيل : أتراب بعضهن لبعض ، لا عجوز فيهن ولا صبية . واشتقاقه من التراب ، فإنه يمسَّهن في وقت واحد . { هذا ما تُوعدون ليوم الحساب } ، قال ابن عرفة : اللام للتوقيت ، أي : عنده ، أو : للتعليل ، فإن الحساب علَّة للوصول إلى الجزاء . وقرأ المكي والبصري بياء الغيب ، ليُوافق ما قبله ، والالتفات أليق بمقام الامتنان والتكريم . { إِنَّ هذا } الذي ذكر من ألوان النعيم والكرامات { لَرِزْقُنا } أعطيناكموه ، { ما له من نفاذٍ } من انقطاع وتمام أبداً . الإشارة : كل مَن توجه إلى الله بكليته ، واتصف بمحاسن الأخلاق ، كان له ذكر وشرف في الدنيا ، وكرامة في العُقبى ، بما لا عين رأت ، ولا أُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . ثم ذكر أضدادهم بقوله : { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً } .