Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 113-113)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : الجارّ في قوله : { من شيء } ، في موضع نصب على المصدر ، أي : لا يضرونك شيئًا من الضرر . يقول الحقّ جلّ جلاله : { ولولا فضل الله عليك } بالعصمة ورحمته بالعناية ، { لهمت طائفة منهم } وهم رهط السارق { أن يضلوك } عن القضاء بالحق ، مع علمهم بالقصة ، لكن سبقت العناية ، وحفت الرعاية ، فلم تخرج من عين الهداية . وليس المراد نفي همهم لأنه وقع ، إنما المراد نفي تأثيره فيه ، { وما يضلون إلا أنفسهم } لعوده عليهم ، { وما يضرونك من شيء } لأن الله عصمك ، وما خطر ببالك من المجادلة عنهم ، كان اعتمادًا منك على ظاهر الأمر وإنما أُمرتَ أن تحكم بالظواهر ، والله يتولى السرائر . { وأنزل الله عليك الكتاب } أي : القرآن ، { والحكمة } ما نطقتَ به من الحِكَم ، { وعَلَّمَكَ ما لم تكن تعلم } من خفيات الأمور ، التي لم تطلع عليها ، أو من أمور الدين والأحكام ، { وكان فضل الله عليك عظيمًا } ولا فضل أعظم من النبوة ، لا سيما وقد فضَّله على كافة الخلق وأرسله إلى كافة الناس ، وهدى الله على يديه ما لم يَهدِ على يدِ أحد من الأنبياء قبله ، إلى غير ذلك من الفضائل التي تفوت الحصر . الإشارة : لولا أن الله تفضَّل على أوليائه بسابق العناية ، وحفَّت بهم منه الكلاءة والرعاية ، لأضلتهم العموم عن عين التحقيق ، ولأتلفتهم القواطع عن سلوك الطريق ، لكن من سبقت له العناية لا يصيبه سهمُ الجناية ، فثَّبتَ أقدامهم على سير الطريق ، حتى أظهر لهم معالم التحقيق ، فكشف عن قلوبهم رين الحجاب ، حتى فهموا أسرار الكتاب ، ونبع من قلوبهم ينابيع الحَكَم والأسرار ، واطلعوا على علوم لم يُحِط بها كتاب ولا دفتر ، فحازوا في الدارين خيرًا جسيمًا ، وكان فضل الله عليهم عظيمًا .