Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 71-74)

Tafsir: al-Baḥr al-madīd fī tafsīr al-Qurʾān al-maǧīd

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلت : الحِذر والحَذَر واحد ، كالشِّبه والشِّبَه ، وبَطًأ يستعمل لازمًا بمعنى ثقل ، ومتعديًا بالتضعيف أي : بطَّأ غيره ، و { لَمَن ليبطئن } اللام الأولى للابتداء ، والثانية للقسم ، أي : وإنَّ منكم أُقسم بالله لمن ليبطئن . وجملة : { كأن لم يكن } : اعتراضية بين القول والمقول ، تنبيهًا على ضعف عقيدتهم ، وأن قولهم هذا قولُ من لا مواصلة بينكم وبينه . يقول الحقّ جلّ جلاله : { يا أيها الذين آمنوا } تأهبوا واستعدوا لجهاد الأعداء ، و { خذوا حذركم } منهم بالعُدَّةِ والعَدَد ، ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ، ولا حجة فيه للقدرية لأن هذا من الأسباب التي ستر الله بها أسرار القدرة . وقد قال لنبيِّه عليه الصلاة والسلام ـ : { قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا } [ التوبة : 51 ] وقال عليه الصلاة والسلام ـ : " اعقلها وتوكل " وفي ذلك طمأنينة للقلوب التي لم تطمئن وتشريعًا للضعفاء ، فإذا تأهبتم واستعددتم { فأنفروا } أي : اخرجوا إلى الجهاد { ثُباتٍ } أي : جماعات متفرقة ، سرية بعد سرية ، { أو انفروا جميعًا } أي : مجتمعين مع نبيكم ، أو مع أميركم . { وإن منكم } يا معشر المسلمين { لمن ليبطئن } الناس عن الجهاد ، أول ليتثاقلن ويتخلفن عنه ، وهو عبدالله بن أُبُيّ المنافق ، وأشباهه من المنافقين ، { فإن أصابتكم مصيبة } كقتل أو هزيمة { قال قد أنعم الله عليّ } حين تخلفت { إذا لم أكن معهم شهيدًا } فيصيبني ما أصابهم . { ولئن أصابكم فضل من الله } ، كنصر وغنيمة ، { ليقولن } لفرط عداوته : { يا ليتني كنتُ معهم فأفوز فوزًا عظيمًا } ، بالمال والعز . كأن ذلك المنافق ، لم يكن بينكم وبينه مودة ولا مواصلة أصلاً ، حيث يتربص الدوائر ، يفرح بمصيبتكم ويتحسر بعزكم ونصركم . فإن تثاقل هذا عن القتال أو بطَّأ غيره ، { فليقاتل في سبيل الله } أهلُ الإخلاص والإيمان { الذين يشرون } ، أي : يبيعون { الحياة الدنيا بالآخرة } ، فيؤثرون الآخرة الباقية على الدنيا الفانية ، { ومن يقاتل في سبيل الله } لإعلاء كلمة الله { فيُقتل } شهيدًا { أو يَغلب } عدوه وينصره الله { فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا } ، وإنما قال تعالى : { فيُقتل أو يَغلب } تنبيهًا على أن المجاهد ينبغي أن يثبت في المعركة ، حتى يعز نفسه بالشهادة ، أو الدين بالظفر والنصر . وألا يكون قصده بالذات القتل ، بل إعلاء الحق وإعزاز الدين . قاله البيضاوي . الإشارة : يا أيها الذين آمنوا إيمان الخصوص خذوا حذركم من خدع النفوس ، لئلا تعوقكم عن حضرة القدوس ، فانفروا إلى جهادها ثُباتٍ أو جماعة " فإن يد الله مع الجماعة ، فالصحبة عند الصوفية شرط مؤكد وأمر محتم . والله ما أفلح من أفلح إلا بصحبة من أفلح ، فالنفس الحية لا تموت مع الأحياء ، وإنما تموت مع الأموات ، فهي كالحوت ما دامت في البحر مع الحيتان لا تموت أبدًا ، فإذا أخرجتها وعزلتها عن أبناء جنسها ماتت سريعًا .